للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسَّببُ في اختِلافِهم في استِحبابِ مَسحِ أسفَلِ الخُفِّ كما هو مَذهبُ المالِكيةِ والشافِعيةِ، وفي عَدمِ استِحبابِه كما هو مَذهبُ الحَنفيةِ والحَنابِلةِ؛ تَعارُضُ الآثارِ الوارِدةِ في ذلك، وتَشبيهُ المَسحِ بالغُسلِ، وذلك أنَّ في ذلك أثَرَين مُتعارِضَين.

أحدُهما: حَديثُ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ وفيه: «أنَّه مسَحَ أعلى الخُفِّ وأسفَلَه» (١).

والآخَرُ: حَديثُ عليٍّ : «لو كانَ الدِّينُ بالرأيِ لكانَ أسفَلُ الخُفِّ أَولى بالمَسحِ من أعلاه، وقد رأيتُ رَسولَ اللهِ يَمسحُ على ظاهِرِ الخُفَّينِ» (٢).

فمَن ذهَبَ مَذهبَ الجَمعِ بينَ الحَديثَينِ، حمَلَ حَديثَ المُغيرةِ على الاستِحبابِ، وحَديثَ عليٍّ على الوُجوبِ.

قالَ ابنُ رُشدٍ : وهي طَريقةٌ حَسنةٌ، ومَن ذهَبَ مَذهبَ التَّرجيحِ أخَذَ إمَّا بحَديثِ علِيٍّ، وإمَّا بحَديثِ المُغيرةِ، فمَن رجَّحَ حَديثَ المُغيرةِ على حَديثِ عليٍّ رجَّحَه من قِبَلِ القياسِ، أعني قياسَ المَسحِ على


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (١٦٥)، والترمذي (٩٧)، وابن ماجه (٥٥٠).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>