للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ الجَهالةَ لِعَينِها غيرُ مانِعةٍ، بل لِإفضائِها إلى المُنازَعةِ المانِعةِ مِنَ التَّسليمِ والقَبضِ، والذي وَقَع الصُّلحُ، والإبراءُ عنه لا يَفتَقِرُ إلى التَّسليمِ والقَبضِ، فلا تَضُرُّه الجَهالةُ.

وكذلك لو لَم يَطعَنِ المُشتَري بعَيبٍ فصالَحَه البائِعُ مِنْ كلِّ عَيبٍ على شَيءٍ فالصُّلحُ جائِزٌ؛ لأنَّه -وإنْ لَم يَطعَنْ بعَيبٍ- له حَقُّ الخُصومةِ فيُصالِحُه لِإبطالِ هذا الحَقِّ.

ولو خاصَمَه في ضَربٍ مِنَ العُيوبِ، نحوَ الشِّجاجِ والقُروحِ، فصالَحَه على ذلك ثم ظَهَرَ عَيبٌ غَيرُه، كان له أنْ يُخاصِمَه فيه؛ لأنَّ الصُّلحَ وَقَعَ عن نَوعٍ خاصٍّ، فكان له حَقُّ الخُصومةِ في غَيرِه.

ولو اشتَرى شَيئًا مِنَ امرأةٍ فظَهَرَ به عَيبٌ فصالَحَتْه على أنْ تَتَزوَّجَه فهو جائِزٌ، وهذا إقرارٌ منها بالعَيبِ، فإنْ كان أرشُ العَيبِ يَبلُغُ عَشَرةَ دَراهِمَ فهو مَهرُها، وإنْ كان أقَلَّ مِنْ ذلك يُكمِلُ لها عَشَرةَ دَراهِمَ؛ لأنَّ أرشَ العَيبِ لمَّا صارَ مَهرَها والنِّكاحُ مُعاوَضةُ البُضعِ بالمَهرِ، فإذا نَكَحتْ نَفْسَها فقد أقَرَّتْ بالعَيبِ.

وكذلك لو اشتَرى شَيئًا بأرشِ عَيبٍ كان إقرارًا بالعَيبِ؛ لأنَّ الشِّراءَ مُعاوَضةٌ، فالإقدامُ عليه يَكونُ إقرارًا بالعَيبِ، بخِلافِ الصُّلحِ، حيث لا يَكونُ إقرارًا بالعَيبِ؛ لأنَّ الصُّلحَ مَرةً يَصحُّ مُعاوَضةً ومَرةً يَصحُّ إسقاطًا، فلا يَصحُّ دَليلًا على الإقرارِ بالشَّكِّ والاحتِمالِ.

ولو اشتَرى ثَوبَيْنِ، كلَّ واحِدٍ بعَشَرةِ، فقبَضهما ثم وَجَدَ بأحَدِهما عَيبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>