زَعمِه، فكان الصُّلحُ عن حَقٍّ ثابِتٍ في حَقِّه، وفي حَقِّ المُدَّعَى عليه، وهو بَدَلُ المالِ؛ لِإسقاطِ الخُصومةِ والافتِداءِ عن اليَمينِ.
ولو قال المُدَّعَى عليه:«اشتَرَيتُ منكَ اليَمينَ على كذا»، وقال المُدَّعِي:«بِعتُ منكَ اليَمينَ على كذا»، لا يَصحُّ، فقد خالَفَ الصُّلحُ البَيعَ حيثُ جازَ بلَفظِ الصُّلحِ والافتِداءِ، ولَم يَجُزْ بلَفظِ البَيعِ والشِّراءِ.
ولو ادَّعى رَجُلٌ على امرأةٍ نِكاحًا فجَحَدتْه فصالَحَتْه على مالٍ بَذَلتْه حتى يَترُكَ الدَّعوى جازَ؛ لأنَّ النِّكاحَ حَقٌّ ثابِتٌ في حَقِّ المُدَّعِي، فكان الصُّلحُ على حَقٍّ ثابِتٍ، فكان في مَعنى الخُلعِ؛ إذْ هو أخْذُ المالِ بالبُضعِ، وقد وُجِدَ، فكان جائِزًا، وفي حَقِّها بَدَلُ مالٍ لِإسقاطِ الخُصومةِ، وهو جائِزٌ أيضًا لِلنَّصِّ.
ولو ادَّعتِ امرأةٌ على رَجُلٍ نِكاحًا فجَحَد الرَّجُلُ فصالَحَها على مالٍ بَذَله لها لا يَخلو إمَّا أنْ يَكونَ النِّكاحُ ثابِتًا، أو لَم يَكُنْ ثابِتًا، فإنْ لَم يَكُنْ ثابِتًا كان دَفعُ المالِ إليها مِنَ الرَّجُلِ في مَعنى الرَّشوةِ، وإنْ كان ثابِتًا لا تَثبُتُ الفُرقةُ بهذا الصُّلحِ، لأنَّ العِوَضَ في الفُرقةِ تُعطيه المَرأةُ لا الزَّوجُ، فلا يَكونُ المالُ الذي تأخُذُه المَرأةُ عِوَضًا عن شَيءٍ، فلا يَجوزُ.
ولو ادَّعى على إنسانٍ مِئةَ دِرهَمٍ فأنكَرَ المُدَّعَى عليه فتَصالَحا على أنَّه إنْ حلَف المُدَّعَى عليه فهو بَريءٌ فالصُّلحُ باطِلٌ، والمُدَّعِي على دَعواه، حتى لو أقامَ بَيِّنةً أخَذَه بها؛ لأنَّ قَولَه:«على أنَّه إنْ حلَف المُدَّعَى عليه فهو بَريءٌ»، تَعليقُ البَراءةِ بالشَّرطِ، وهو باطِلٌ؛ لأنَّ في الإبراءِ مَعنى التَّمليكِ.