للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك ممَّا لا يَدخُلُ له في الفَرضِ قبلَ تَعيينِ القاضي جازَ، وإنْ كانتْ قيمَتُه أكثَرَ مِنَ المَفروضِ، لكنَّ القَبضَ في المَجلِسِ شَرطٌ؛ لأنَّه مُعاوَضةٌ فيَجوزُ، ولا بُدَّ مِنَ القَبضِ؛ لِما قُلنا.

وإنْ كان بعدَ تَعيينِ القاضي فهو على ما ذَكَرنا مِنَ التَّفصيلِ، وكذلك حُكمُ الصُّلحِ عن إنكارِ المُدَّعَى عليه وسُكوتِه بحُكمِ الصُّلحِ عن إقرارِه في جَميعِ ما وَصَفْنا، هذا الذي ذَكَرْنا إذا كان بَدَلُ الصُّلحِ مالًا، عَينًا أو دَينًا، فأمَّا إذا كان مَنفَعةً بأنْ صالَحَ على خِدمةِ عَبدٍ بعَينِه، أو رُكوبِ دابَّةٍ بعَينِها، أو على زِراعةِ أرضٍ أو سُكنى دارٍ وَقتًا مَعلومًا، جازَ الصُّلحُ ويَكونُ في مَعنى الإجارةِ، سَواءٌ كان الصُّلحُ عن إقرارِ المُدَّعَى عليه أو عن إنكاره أو عن سُكوتِه؛ لأنَّ الإجارةَ تَمليكُ المَنفَعةِ بعِوَضٍ، وقد وُجِدَ، أمَّا في مَوضِعِ الإقرارِ فظاهِرٌ؛ لأنَّ بَدَلَ الصُّلحِ عِوَضٌ عن المُدَّعَى، وكذا في مَوضِعِ الإنكارِ في جانِبِ المُدَّعِي، وفي جانِبِ المُدَّعَى عليه هو عِوَضٌ عن الخُصومةِ واليَمينِ.

وكذا في السُّكوتِ؛ لأنَّ الساكِتَ مُنكِرٌ حُكمًا سَواءٌ كان المُدَّعَى عَينًا أو دَينًا، لكنَّ تَمليكَ المَنفَعةِ قد يَكونُ بالعَينِ وقد يَكونُ بالدَّينِ، كما في سائِرِ الإجاراتِ، وإنْ كان المُدَّعَى مَنفَعةً فإنْ كانتِ المَنفَعتانِ مِنْ جِنسَيْنِ مُختلِفَيْنِ -كما إذا صالَحَ مِنْ سُكنى دارٍ على خِدمةِ عَبدٍ- يَجوزُ بالإجماعِ، وإنْ كانتا مِنْ جِنسٍ واحِدٍ لا يَجوزُ.

وإذا اعتُبِرَ الصُّلحُ على المَنافِعِ إجارةً يَصحُّ بما تَصحُّ به الإجاراتُ ويَفسُدُ بما تَفسُدُ به.

<<  <  ج: ص:  >  >>