وإنْ كان المُدَّعَى به حَيَوانًا مَوصوفًا في الذِّمَّةِ: في قَتلِ الخَطَأِ أو شِبهِ العَمدِ فصالَحَ فهذا في الأصلِ لا يَخلو مِنْ وَجهَيْنِ:
إمَّا أنْ يُصالِحَ على ما هو مَفروضٌ في بابِ الدِّيةِ في الجُملةِ، وإمَّا أنْ يُصالِحَ على ما ليس بمَفروضٍ في البابِ أصلًا.
وكلُّ ذلك لا يَخلو مِنْ أنْ يُصالِحَ قبلَ تَعيينِ القاضي نَوعًا مِنَ الأنواعِ المَفروضةِ، أو بعدَ تَعيينِه نَوعًا منها.
فإنْ صالَحَ على المَفروضِ قبلَ تَعيينِ القاضي، بأنْ صالَحَ على عَشَرةِ آلافِ دِرهَمٍ، أو على ألْفِ دِينارٍ أو على مِئةٍ مِنَ الإبِلِ، أو على مِئةِ بَقَرةٍ، أو على ألفَيْ شاةٍ، أو على مِئَتَيْ حُلَّةٍ جازَ الصُّلحُ، وهو في الحَقيقةِ تَعيينٌ منها لِلواجِبِ مِنْ أحَدِ الأنواعِ المَفروضةِ بمَنزِلةِ تَعيينِ القاضي، فيَجوزُ، ويَكونُ استِيفاءً لِعَينِ حَقِّه الواجِبِ عندَ اختيارِه ذلك فِعلًا برِضا القاتِلِ.
وكذا إذا صالَحَ على أقَلَّ مِنَ المَفروضِ يَكونُ استِيفاءً لِبَعضِ عَينِ الحَقِّ وإبراءً عن البَقيَّةِ.
وإنْ صالَحَ على أكثَرَ مِنَ المَفروضِ لا يَجوزُ؛ لأنَّه رِبًا.
ولو صالَحَ بَعدَما عَيَّنَ القاضي نَوعًا منها فإنْ صالَحَ على جِنسِ حَقِّه المُعيَّنِ جازَ إذا كان مِثلَه أو أقَلَّ منه، وإنْ كان أكثَرَ لا يَجوزُ؛ لأنَّه رِبًا، وإنْ صالَحَ على خِلافِ الجِنسِ المُعيَّنِ فإنْ كان مِنْ جِنسِ المَفروضِ في الجُملةِ، بأنْ عَيَّنَ القاضي مِئةً مِنَ الإبِلِ فصالَحَ على مِئةٍ مِنَ البَقَرِ أو أكثَرَ جازَ، وتَكونُ مُعاوَضةً؛ لأنَّ الإبِلَ تَعيَّنتْ واجِبةً بتَعيينِ القاضي، فلَم يَبْقَ