بعَشَرةٍ حالَّةٍ فأنكَرَها المُدَّعى عليه ثم صالَحَه على أنْ يُؤخِّرَه بها أو ببَعضِها إلى شَهرٍ مَثَلًا؛ فإنَّه لا يَجوزُ.
ويَجوزُ الصُّلحُ على تَأخيرِ ما أنكَرَ المُدَّعَى عليه عندَ ابنِ القاسِمِ وأصبَغَ، وهو مُقابِلُ المَشهورِ مِنَ المَذهبِ، والدَّليلُ عليه أنَّ ذلك جائِزٌ على دَعوى المُتصالِحَيْنِ أنَّ دَعواهُما لَم تَتَّفِقْ على فَسادٍ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يَقولُ: لا حَرامَ علَيَّ فيما فَعَلتُ؛ لأني واهِبٌ لِما أعطَيتُ.
٥ - ولا يَجوزُ الصُّلحُ بمَجهولٍ جِنسًا أو قَدرًا أو صِفةً؛ لأنَّه بَيعٌ وإجارةٌ أو إبراءٌ، فلا بُدَّ مِنْ تَعيُّنِ ما صالَحَ به؛ لأنَّ المُصالَحَ به يَجبُ أنْ يَكونَ مَعلومًا قياسًا على البَيعِ، والبَيعُ لا يَجوزُ أنْ يَكونَ في شَيءٍ بغَيرِ صِفةٍ ولا رُؤيةٍ؛ لِنَهيِه ﷺ عن بَيعِ الغَرَرِ، وهذا منه؛ لأنَّ المُشتَريَ يَعقِدُ على مَجهولٍ لَم يَعرِفْه برُؤيةٍ ولا صِفةٍ، ولأنَّ الجَهلَ بصِفةِ المَبيعِ حالَ العَقدِ يُوجِبُ بُطلانَه أصلُه السَّلَمُ بغَيرِ صِفةٍ.
ولا يَحِلُّ الصُّلحُ لِلظَّالِمِ في الواقِعِ، ولو حَكَمَ له حاكِمٌ يَرى حِلَّه لِلظالِمِ.
ولو أقَرَّ الظالِمُ منهما بعدَ الصُّلحِ فلِلمَظلومِ نَقضُه؛ لأنَّه كالمَغلوبِ عليه، أو شَهِدتْ لِلمَظلومِ منهما بَيِّنةٌ لَم يَعلَمْها حالَ الصُّلحِ -وإنْ كانتْ حاضِرةً بالبَلَدِ- فلَه نَقضُه إنْ حلَف أنَّه لَم يَعلَمْ بها، وإلا فلا، وأَوْلَى إنْ أقَرَّ أو شَهِدَ عليه بعِلمِه بها، أو يَعلَمُها، ولكنْ بَعُدتْ جِدًّا (١).
(١) يُنظر: «تحبير المختصر» (٤/ ١٨٨، ١٩٣)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٥١٣، ٥١٧)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٧، ٩)، و «الشرح الصغير» (٧/ ٣٩٣، ٤٠٣)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٩٩، ١٠٢)، و «مواهب الجليل» (٧/ ١١، ١٢).