للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْذَ العِوَضِ عن المَنفَعةِ جائِزٌ بالإجارةِ، فكذا بالصُّلحِ، لكنْ لا يَجوزُ المَنفَعةُ عن المَنفَعةِ إلا إذا كانتا مُختَلفَتَيِ الجِنسِ، كما لو صالَحَ عن السُّكنى على خِدمةِ العَبدِ أو زِراعةِ الأرضِ، أو لُبسِ الثِّيابِ، أمَّا إنِ اتَّحَدَ جِنساهما، كما لو صالَحَ عن السُّكنى على السُّكنى أو عن الزِّراعةِ على الزِّراعةِ فإنَّه لا يَجوزُ؛ لأنَّ المَنفَعةَ لا يَجوزُ استِئجارُها بجِنسِها، ويَجوزُ بخِلافِ جِنسِها مِنَ المَنافِعِ، فكذا الصُّلحُ.

٣ - في دَعوَى جِنايةِ العَمدِ والخَطأِ في النَّفسِ وما دونَها، سَواءٌ كان مع إقرارٍ أو سُكوتٍ أو إنكارٍ.

أمَّا العَمدُ في النَّفسِ فلقَولِ اللهِ : ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨]، أي: فمَن أُعطيَ له وهو وَليُّ القَتيلِ مِنْ دَمِ أخيه، أي مِنْ جِهةِ المَقتولِ شَيءٌ مِنَ المالِ بطَريقِ الصُّلحِ، ونَكَّرَه لأنَّه مَجهولُ القَدْرِ، فإنَّه يُقَدَّرُ بما تَراضَيا عليه ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أي: فلِوَليِّ القَتيلِ اتِّباعُ المُصالَحِ ببَدَلِ الصُّلحِ عن حُسْنِ مُعامَلةٍ ﴿وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ أي: وعلى المُصَالَحِ أداءٌ إلى وَليِّ القَتيلِ بإحسانٍ.

وأمَّا الخَطَأُ في النَّفسِ فلأنَّ مُوجِبَه المالُ، فيَصيرُ بمَنزِلةِ البَيعِ، إلا أنَّه لا تَصحُّ الزِّيادةُ على قَدْرِ الدِّيةِ في الخَطَأِ إذا وَقَعَ الصُّلحُ على أحَدِ مَقاديرِ الدِّيةِ؛ لأنَّها مُقدَّرةٌ شَرعًا، فلا يَجوزُ إبطالُ ذلك، بخِلافِ الصُّلحِ عن القِصاصِ، حيث تَجوزُ الزِّيادةُ على قَدْرِ الدِّيةِ؛ لأنَّ القِصاصَ ليس بمالٍ، وإنَّما يُتَقوَّمُ بالعَقدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>