للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بما صالَحَ عنه مِنْ دَينٍ أو عَينٍ، وإنْ كان التَّلَفُ بعدَ استِيفاءِ بَعضِ المَنفَعةِ انفَسَختْ فيما بَقيَ ورجَع بقِسطِ ما بَقيَ مِنَ المُدَّةِ.

وإنْ صالَحَ البائِعُ عن عَيبِ مَبيعٍ بشَيءٍ، أي: عَينٍ، كدَينٍ، أو مَنفَعةٍ، كسُكنى دارٍ مُعيَّنةٍ صَحَّ الصُّلحُ؛ لأنَّه يَجوزُ أخْذُ العِوَضِ عن عَيبِ المَبيعِ.

فإنْ بانَ المُصالَحُ عنه ليس بعَيبٍ، كانتِفاخِ بَطنِ أُمِّة ظُنَّ أنَّه حَملٌ، فتَبيَّنَ عَدَمُه أو زالَ العَيبُ سَريعًا، بلا كُلفةٍ ولا تَعطيلِ نَفْعٍ على مُشتَرٍ، كزَوجةٍ بانَتْ، ومَريضٍ عُوفيَ رَجَع بما دَفَعَه؛ لِحُصولِ الجُزءِ الفائِتِ مِنَ المَبيعِ بلا ضَرَرٍ، فكأنَّه لَم يَكُنْ، ورَجَع البائِعُ على المُشتَري بما صالَحَ به؛ لِظُهورِ عَدَمِ استِحقاقِ المُشتَري له؛ لِعَدَمِ العَيبِ في الأُولى، وزَوالِه في الثانيةِ بلا ضَرَرٍ يَلحَقُه.

ويَصحُّ الصُّلحُ عما تَعذَّرَ عِلمُه مِنْ دَينٍ أو عَينٍ، كرَجُلَيْنِ بَينَهما مُعامَلةٌ وحِسابٌ مَضى عليه زَمَنٌ ولا عِلمَ لِواحِدٍ منهما بما عليه لِصاحِبِه؛ لِما رُويَ أنَّ النَّبيَّ قال لِرَجُلَيْنِ اختَصَما في مَواريثَ دَرَستْ بَينَهما: «أَمَا إِذْ فَعَلْتُمَا مَا فَعَلْتُمَا فَاقْتَسِمَا وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ، ثُمَّ اسْتَهِمَا ثُمَّ تَحَالَّا» (١).

ولأنَّه إسقاطُ حَقٍّ فصَحَّ في المَجهولِ لِلحاجةِ، ولِئلَّا يُفضيَ إلى ضياعِ المالِ أو بَقاءِ شَغلِ الذِّمَّةِ؛ إذْ لا طَريقَ إلى التَّخلُّصِ إلا به.

فأمَّا ما تُمكِنُ مَعرِفتُه فلا يَجوزُ.


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٣٥٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>