للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا بالسُّنَّةِ: فقَولُ النَّبيِّ : «الصُّلْحُ جَائِزٌ بينَ المُسلِمينَ، إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» (١).

والصُّلحُ الذي يُحِلُّ الحَرامَ أنْ يُصالِحَ على خَمرٍ ونَحوِها، أو مِنْ دَراهِمَ على أكثَرَ منها، والذي يُحرِّمُ الحَلالَ: أنْ يُصالِحَ إحدى المَرأتَيْنِ على ألَّا يَطَأَ الأُخرى، أو صالَحَ زَوجَتَه على أنْ يُحرِّمَ أَمَتَه على نَفْسِه، فهذا هو الصُّلحُ الذي حَرَّمَ حَلالًا أو أحَلَّ حَرامًا، وهذا باطِلٌ (٢).

ولِحديثِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ أنَّه تَقَاضَى ابنَ أبي حَدْرَدٍ دَيْنًا كان له عليه في عَهْدِ رَسولِ اللهِ في الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حتى سَمِعَهَا رَسولُ اللهِ وهو في بَيْتٍ، فَخرَج رَسولُ اللهِ إِلَيْهِمَا حتى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى كَعْبَ بنَ مَالِكٍ، فقال: «يا كَعْبُ»، فقال: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ اللهِ، فَأَشَارَ بيَدِه أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ، فقال كَعْبٌ: قد فَعَلْتُ يا رَسُولَ اللهِ، فقالَ رَسولُ اللهِ : «قُمْ فَاقْضِهِ» (٣).

فقد تَضمَّنتْ هذه الآياتُ والحَديثانِ الإصلاحَ بينَ الناسِ في الأموالِ.

وأمَّا الإجماعُ: فقد أجمَعَ العُلماءُ على جَوازِ الصُّلحِ في الجُملةِ، نَقَلَ عَدَدٌ كَبيرٌ مِنَ العُلماءِ الإجماعَ على ذلك.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود في «سننه» (٣٥٩٤)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٠٩١).
(٢) «المبسوط» (٦/ ٦٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٢٧).
(٣) رواه البخاري (٢٥٦٣)، ومسلم (١٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>