للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَبَسَه؛ لقَولِ النَّبيِّ : «لَيُّ الواجِدِ ظُلمٌ يُحِلُّ عِرضَه وعُقوبَتَه» (١).

وإنْ لَم يَقْضِه باعَ الحاكِمُ مالَه وقَضَى دَينَه ولا يُخرِجُه حتى يَتبيَّنَ أمْرُه، أي أنَّه مُعسِرٌ، أو يَبَرَّ المَدينُ بوَفاءٍ أو إبراءٍ، أو يَرضَى غَريمُه بإخراجِه.

فإنْ كان المَدينُ ذا عُسرةٍ وَجَبت تَخليَتُه وحَرُمتْ مُطالَبَتُه والحَجْرُ عليه وحَبسُه ما دامَ مُعسِرًا؛ لقَولِ اللهِ : ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: ٢٨٠].

وقَولِ النَّبيِّ في الذي أُصيبَ في ثِمارِه: «خُذوا ما وَجَدتُمْ وَلَيسَ لَكُمْ إلَّا ذلكَ» (٢).

فإنِ ادَّعى العُسرةَ ودَينُه عن عِوَضٍ -كثَمَنٍ وقَرضٍ- أو لا، وعُرِفَ له مالٌ سابِقُ الأغلَبُ بَقاؤُه، أو كان أقَرَّ بالمَلاءةِ حُبِسَ إنْ لَم يُقِمْ بَيِّنةً تُخبِرُ بباطِنِ حالِه وتُسمَعُ قبلَ الحَبسِ وبَعدَه، وإلا حلَف وأُخليَ سَبيلُه.

وإنْ سألَ غُرَماءُ مَنْ له مالٌ لا يَفي بدَينِه الحاكِمَ الحَجْرَ عليه لَزِمَه إجابَتُهم؛ لأنَّ فيه دَفعًا لِلضَّرَرِ عن الغُرَماءِ، فلَزِمَ ذلك لِقَضائِهم.

ويُستحبُّ إظهارُ حَجْرِ المُفلِسِ وكذا السَّفيهُ؛ لِيَعلَمَ الناسُ بحالِهما فلا يُعامِلوهما إلا على بَصيرةٍ.


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٣٦٢٨)، والنسائي (٤٦٨٩)، وابن ماجه (٣٤٢٧).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه مسلم (١٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>