للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا حَبَسَه القاضي شَهرَيْنِ أو ثَلاثةً سألَ عن حالِه، فإنْ لَم يَنكَشِفْ له مالٌ أخلَى سَبيلَه، فإذا لَم يَتبيَّنْ لِلحاكِمِ أنَّ له مالًا، بأنْ قامَتِ البَيِّنةُ أو سألَ جيرانَه العارِفينَ به، فلَم يُوجَدْ له شَيءٌ أخرَجَه، ولا يُقبَلُ قَولُ البَيِّنةِ بأنَّه لا مالَ له قبلَ حَبسِه؛ لأنَّ البَيِّنةَ لا تَطَّلِعُ على إعسارِه ولا يَسارِه، لِجَوازِ أنْ يَكونَ له مالٌ مَخبوءٌ لا يُطَّلَعُ عليه، فلا بُدَّ مِنْ سَجنِه لِيَضجَرَ بذلك.

وكذلك إذا أقامَ البَيِّنةَ أنَّه لا مالَ له، فيُخلَى سَبيلُه؛ لِوُجوبِ النَّظرةِ إلى المَيسَرةِ.

وكَيفيَّةُ الشَّهادةِ: أنْ يَقولَ الشاهِدُ: إنَّه مُفلِسٌ مُعدِمٌ لا نَعلَمُ له مالًا سوى كِسوَتِه التي عليه.

فإنْ لَم يَظهَرْ له مالٌ بعدَ مُضيِّ المُدَّةِ أخلى سَبيلَه؛ لأنَّه استَحَقَّ النَّظرةَ إلى المَيسَرةِ، فيَكونُ حَبسُه بعدَ ذلك ظُلمًا.

ولا يَحولُ بَينَه وبَينَ غُرَمائِه بعدَ خُروجِه مِنَ السِّجنِ، ويُلازِمونَه ولا يَمنَعونَه مِنَ التَّصرُّفِ والسَّفَرِ، ويَدورونَ معه حيث دارَ، ولا يَحبِسونَه في مَوضِعٍ واحِدٍ، وإنْ دَخَل بَيتَه لِحاجةٍ لا يَتبَعونَه، بل يَنتَظِرونَه حتى يَخرُجَ، وإنْ كان الدَّينُ لِرَجُلٍ على امرأةٍ لا يُلازِمُها؛ لِما فيه مِنَ الخَلوةِ بالأجنبيَّةِ، ولكنْ يَبعَثُ امرأةً أمينةً تُلازِمُها.

ويَأخذونَ ما زادَ على نَفَقَتِه ونَفَقةِ عِيالِه، فيُقَسَّمُ بَينَهم بالحِصَصِ.

ولو اختارَ المَطلوبُ الحَبسَ والطالِبُ المُلازَمةَ فالخيارُ إلى الطالِبِ؛ لأنَّه أبلَغُ في حُصولِ المَقصودِ؛ لِاختيارِه الأضيَقَ عليه، إلا إذا عَلِمَ القاضي

<<  <  ج: ص:  >  >>