للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب الشافِعيَّةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ -وهو قَولُ ابنِ سُرَيجٍ- والحَنابِلةُ في قَولٍ -وهو قَولُ ابنِ عَقيلٍ- إلى أنَّ الفاسِقَ يُحجَرُ عليه، وإنْ كان مُصلِحًا لِمالِه؛ لقَولِ اللهِ : ﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، فأثبَتَ الوِلايةَ على السَّفيهِ، وهذا سَفيهٌ، ولأنَّه مَعنًى لو قارَنَ البُلوغَ لَمَنَع مِنْ فَكِّ الحَجْرِ عنه، فإذا طَرَأ بعدَ فَكِّ الحَجْرِ عنه اقتَضى إعادةَ الحَجْرِ عليه، كالتَّبذيرِ.

والفاسِقُ هو: مَنْ يَفعَلُ مُحرَّمًا يُبطِلُ العَدالةَ، مِنْ كَبيرةٍ أو إصرارٍ على صَغيرةٍ، لأنَّ الفاسِقَ غيرُ رَشيدٍ، ولأنَّ إفسادَه لِدِينِه يَمنَعُ الثِّقةَ به في حِفظِ مالِه، كما يُمنَعُ قَبولُ قَولِه وثُبوتُ الوِلايةِ على غَيرِه، وإنْ لَم يُعرَفْ منه كَذِبٌ ولا تَبذيرٌ.

أمَّا الفاسِقُ الذي يُنْفِقُ أموالَه في المَعاصي -كشِراءِ الخَمرِ وآلاتِ اللَّهوِ- أو يَتوصَّلُ به إلى الفَسادِ فهو غيرُ رَشيدٍ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ ويُحجَرُ عليه لِتَبذيرِه لِمالِه وتَضييعِه إيَّاه في غيرِ فائِدةٍ (١).


(١) يُنظر: «الجوهرة النيرة» (٣/ ٢٧٠)، و «الاختيار» (٢/ ١١٨)، و «الهداية» (٣/ ٢٨٤)، و «العناية» (١٣/ ٢٣٥)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٤١٠)، و «الإشراف» (٣/ ٣٧، ٣٨)، و «القوانين الفقهية» ص (١١١)، و «البيان والتحصيل» (١٤/ ٢٢)، و «الذخيرة» (٨/ ٢٣١)، «مختصر المزني» (١/ ١١٠)، و «الحاوي الكبير» (٦/ ٣٥٧)، و «البيان» (٦/ ٢٢٨، ٢٢٩)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٣٨٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١١٦، ١١٧)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٤١٩)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٤١٢)، و «الديباج» (٢/ ٢٤٠)، و «المغني» (٤/ ٣٠١، ٣٠٢)، و «المبدع» (٤/ ٣٣٤)، و «مطالب أولى النهى» (٣/ ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>