للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يُعتبَرُ إسلامُهما إلا أنْ يَكونَ الوَلَدُ مُسلِمًا، فإنَّ الكافِرَ يَلي وَلَدَه الكافِرَ، لكنْ لو تَرافَعوا إلينا لَم نُقِرَّهم، ونَلي نحن أمرَهم، بخِلافِ وِلايةِ النِّكاحِ؛ لأنَّ المَقصودَ بوِلايةِ المالِ الأمانةُ، وهي في المُسلِمينَ أقوى، والمَقصودُ بوِلايةِ النِّكاحِ المُوالاةُ، وهي في الكافِرِ أقوى.

ثم وَصيُّهما، أي: وَصيُّ مَنْ تأخَّرَ مَوتُه منهما؛ لأنَّه يَقومُ مَقامَه، وشَرطُه العَدالةُ.

ثم القاضي أو أمينُه؛ لقَولِ النَّبِيِّ : «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَهَا» (١).

ولو كان اليَتيمُ ببَلَدٍ ومالُه في آخَرَ فالوَليُّ قاضي بَلَدِ المالِ؛ لأنَّ الوِلايةَ عليه تَرتَبِطُ بمالِه كمالِ الغائِبينَ، لكنَّ مَحَلَّه في تَصرُّفِه فيه بالحِفظِ والتَّعهُّدِ بما يَقتَضيه الحالُ مع الغِبطةِ اللائِقةِ إذا أشرَفَ على التَّلَفِ.

أمَّا تَصرُّفُه فيه بالتِّجارةِ والاستِنْماءِ، فالوِلايةُ عليه لِقاضي بَلَدِ اليَتيمِ؛ لأنَّه وَليُّه في النِّكاحِ، فكذا في المالِ.

وعلى هذا فلِقاضي بَلَدِه العَدلِ الأمينِ أنْ يَطلُبَ مِنْ قاضي بَلَدِ مالِه إحضارَه إليه عندَ أمْنِ الطَّريقِ؛ لِظُهورِ المَصلَحةِ له فيه، ولِيَتَّجِرَ له فيه، أو يَشتريَ له به عَقارًا، ويَجبُ على قاضي بَلَدِ المالِ إسعافُه بذلك.

وحُكمُ المَجنونِ حُكمُ الصَّبيِّ في تَرتيبِ الأولياءِ، وكذا مَنْ بَلَغ سَفيهًا.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٠٨٣)، والترمذي (١١٠٢)، وابن ماجه (١٨٧٩)، وأحمد (٦/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>