للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا ما كان في أيديهم مِنْ زَوجةٍ أو أُمِّ وَلَدٍ تَمكَّنوا منهما فكَلامُهم نافِذٌ فيهما، ويَنفُذُ طَلاقُ الزَّوجةِ وعِتقُ أُمِّ الوَلَدِ عليهم؛ لأنَّهم تَمكَّنوا مِنْ ذلك فِعلًا، فيَنفُذُ القَولُ فيهما شَرعًا، وهذه نُكتةٌ بَديعةٌ في الحُجَّةِ لِإنفاذِ الطَّلاقِ والعِتقِ (١).

فالسَّفيهُ مِثلُ الصَّبيِّ المُميِّزِ في جَميعِ ما تَقدَّم في تَصرُّفاتِ الصَّبيِّ إلا فيما يلي:

١ - في طَلاقِه؛ فإنَّه يَلزَمُه، بخِلافِ الصَّبيِّ، فلا يَلزَمُه، ولِلوَليِّ رَدُّه وله هو إنْ رَشَدَ كما تَقدَّم.

٢ - في استِلحاقِ نَسَبٍ ونَفْيِه.

٣ - في قِصاصٍ ثَبَت عليه بالبَيِّنةِ، فيَلزَمُه ويُقتَصُّ منه، بخِلافِ الصَّبيِّ؛ فالدِّيةُ على ما تَقدَّم كالمَجنونِ، وإنَّما يَلزَمُه قِصاصٌ ثَبَت عليه، فيُقتَصُّ منه؛ لأنَّ قَصدَه يَصحُّ، ولأنَّ القِصاصَ مِنْ حُقوقِ اللهِ التي تَلزَمُ جَميعَ المُكلَّفينَ، والسَّفيهُ البالِغُ يَلزَمُه جَميعُ حُقوقِ اللهِ التي أوجَبَها اللهُ على عِبادِه في بَدَنِه ومالِه مِنَ الحُدودِ والقِصاصِ والطَّلاقِ، ولأنَّ السَّفَهَ أثَرٌ في تَصرُّفِه بالمالِ، فلَم يُمنَعْ مِنْ حُقوقِ اللهِ ، أصلُه المَرَضُ.


(١) «أحكام القرآن» (١/ ٤٢١، ٤٢٢)، ويُنظر: «الذخيرة» (٧/ ١١٠، ١١١)، و «الفروق» (٢/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>