للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قال: «خُذوا على أيدي سُفَهائِكم» (١)، ولا يُمكِنُ الأخْذُ على أيديهم إلا بالحَجرِ عليهم.

ورُويَ أنَّه حَجَرَ على مُعاذٍ لِأجْلِ غُرَمائِه، فكانَ الحَجْرُ على السَّفيهِ لِحَقِّ نَفْسِه أوْلى، ولأنَّه إجماعُ الصَّحابةِ.

فعن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ: أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ أَتَى الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فَقَالَ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ كَذَا وَكَذَا، وَإِنَّ عَلِيًّا يُرِيدُ أَنْ يَأْتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينِ عُثْمَانَ، يَعْنِى فَيَسْأَلَهُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيَّ فِيهِ، فقَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا شَرِيكُكَ في الْبَيْعِ، وَأَتَى عَلِيٌّ عُثْمَانَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَه، فقَالَ عُثْمَانُ : «كَيْفَ أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ في بَيعٍ شَرِيكٍ فِيهِ الزُّبَيْرُ؟» (٢).

وكان مَعروفًا بالإمساكِ والاستِصلاحِ، فصارَتْ شَرِكَتُه شُبهةً تَنفي استِحقاقَ الحَجْرِ، فكان ذلك منهم ومِن بَقيَّةِ الصَّحابةِ في إمساكِهم إجماعًا مُنعَقِدًا على استِحقاقِ الحَجْرِ على البالِغِ؛ لأنَّ عليًّا لا يَطلُبُ الحَجْرَ إلا وهو يَراه، ولو كان الحَجْرُ باطِلًا لَقال الزُّبَيرُ : لا يُحجَرُ على بالِغٍ حُرٍّ، وكذلك عُثمانُ، بل كُلُّهم يَعرِفونَ الحَجرَ.

وعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الطُّفَيْلِ -هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ لِأُمِّهَا- أَنَّ عَائِشَةَ حُدِّثَتْ: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ فِي بَيعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ:


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه البيهقي في «شعب الإيمان» (٧٥٧٧).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه البيهقي في «الكبرى» (١١٦٠٧)، والدارقطني (٤٦٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>