للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدُهما: قَولُه : ﴿الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥]، أي: جعَل اللهُ لكم القيامَ عليها.

والآخَرُ: قَولُه : ﴿وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ﴾ [النساء: ٥]، ولا يَجوزُ أنْ يَتولَّى ذلك غيرُ الوَليِّ.

وقَولُه : ﴿أَمْوَالَكُمُ﴾ يَعني أموالَهم، وإنَّما أضافَ ذلك إلى الأولياءِ لِتَصرُّفِهم فيه، ألَا تَرى أنَّه أمَرَ بالإنفاقِ عليهم منها؟ ولا يَجبُ الإنفاقُ مِنْ غيرِ أموالِهم، وقد قال : ﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، فأثبَتَ الوِلايةَ على السَّفيهِ وفَرَّقَ بَينَه وبَينَ المَجنونِ والصَّغيرِ.

ورُويَ عن أنَسٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ في عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، كَانَ يُبَايِعُ، وَأَنَّ أَهْلَهُ أَتَوُا النَّبِيَّ فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ احْجُرْ عَلَيْهِ، فَدَعَاهُ نَبِيُّ اللهِ فَنَهَاهُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ إِنِّي لا أَصْبِرُ عَنِ الْبَيْعِ، قَالَ: «إِذَا بِعْتَ فَقُلْ: لا خِلَابَةَ» (١).

فدَلَّ هذا الحَديثُ على استِحقاقِ الحَجْرِ على البالِغِ مِنْ وَجهَيْنِ:

أحَدُهما: أنَّه حَجَرَ عليه حَجْرَ مِثلِه، بأنْ أثبَتَ له الخيارَ في عُقودِه، ولَم يَجعَلْها مُنبَرِمةً.

والآخَرُ: سُؤالُهم الحَجْرَ عليه وإمساكُ النَّبيِّ عن الإنكارِ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥٠٣)، والترمذي (١٢٥٠)، والنسائي (٤٤٨٥)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٠٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>