للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدُهما: هو بُلوغٌ في نَفْسِه؛ لأنَّ ما حُكِمَ به بالبُلوغِ كان بُلوغًا في نَفْسِه كالاحتِلامِ.

والآخَرُ: ليس ببُلوغٍ في نَفْسِه، وإنَّما هو دِلالةٌ على البُلوغِ؛ لأنَّ العادةَ جَرَتْ أنَّه لا يَظهَرُ إلا في وَقتِ البُلوغِ.

واختَلَفوا هل إنباتُ شَعرِ العانةِ في حَقِّ المُسلِمِ يَكونُ بُلوغًا أو لا؟ فالأصَحُّ أنَّه ليس بُلوغًا في حَقِّ المُسلِمِ؛ لأنَّه يُمكِنُ الرُّجوعُ إلى مَعرِفةِ سِنِّ المُسلِمِ؛ لأنَّه مَولودٌ بينَ المُسلِمينَ، ولا يُمكِنُ ذلك في سِنِّ الكافِرِ؛ فلذلك جُعِلَ الإنباتُ عَلَمًا على بُلوغِه، ولأنَّ الإنباتَ قد يُستَدعَى بالدَّواءِ قبلَ أوانِه، فالمُسلِمُ قد يُتَّهَمُ بأنَّه قد يُعالِجُ نَفْسَه لِلإنباتِ؛ لأنَّه يَستَفيدُ بذلك زَوالَ الحَجْرِ عنه وكمالَ تَصرُّفِه وقَبولَ شَهادَتِه، والكافِرُ لا يُتَّهَمُ بذلك؛ لأنَّه لا يَستَفيدُ بذلك إلا وُجوبَ القَتلِ ووُجوبَ ضَربِ الجِزيةِ.

ومُقابِلُ الأصَحِّ أنَّه بُلوغٌ في حَقِّ المُسلِمِ.

وأمَّا شَعرُ الإبِطِ واللِّحيةِ والشَّارِبِ فليس شَيءٌ مِنْ ذلك بُلوغًا؛ لأنَّه قد يَتقدَّمُ على البُلوغِ، وقد يَتأخَّرُ عنه، فلا يَكونُ عَلامةً عليه؛ لأنَّ المُرادَ بالعَلامةِ ما يَحصُلُ البُلوغُ عندَها مِنْ غيرِ تأخيرٍ عنها (١).

٥ - البُلوغُ بالسِّنِّ:

اختَلَف الفُقهاءُ فيما إذا لَم يُوجَدْ عَلامةٌ مِنَ العَلاماتِ السابِقةِ، هل يَثبُتُ البُلوغُ بالسِّنِّ أم لا؟ وما السِّنُّ المُعتبَرةُ في هذا؟


(١) يُنظر: المَصادِر السابقَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>