للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في معنى حالةِ البُلوغِ، فأمَّا إذا كان بعدَ عن ذلك فوُجوبُ دَفْعِ المالِ إليه مُطلَقٌ بما تَلَوْنا، غيرُ مُعلَّقٍ بشَرطٍ، ومُدَّةُ البُلوغِ بالسِّنِّ ثَمانيَ عَشرةَ سَنةً، فقَدَّرْنا مُدَّةَ القرُبِ منه بسَبعِ سِنينَ اعتِبارًا بمُدَّةِ التَّمييزِ في الابتِداءِ على ما أشارَ إليه النَّبيُّ في قَولِه: «مُرُوهُمْ بالصَّلاةِ إذَا بَلَغوا سَبعًا»، ثم قد بَيَّنَّا أنَّ أثَرَ الصِّبا يَبقى بعدَ البُلوغِ إلى أنْ يَمضيَ عليه زَمانٌ، وبَقاءُ أثَرِ الصِّبا كبَقاءِ عَينِه في مَنعِ المالِ منه، ولا يَبقى أثَرُ الصِّبا بَعدَما بَلَغ خَمسًا وعِشرينَ سَنةً؛ لِتَطاوُلِ الزَّمانِ به مُنذُ بَلَغ، ولِهذا قال أبو حَنيفةَ -كما سيأتي في الحَجْرِ على الحُرِّ السَّفيهِ- لو بَلَغ رَشيدًا، ثم صارَ سَفيهًا لَم يُمنَعْ منه المالُ؛ لأنَّ هذا ليس بأثَرِ الصِّبا، فلا يُعتبَرُ في مَنعِ المالِ منه، أو كان مَنعُ المالِ على سَبيلِ التَّأديبِ له، والاشتِغالُ بالتأديبِ يَكونُ ما لَم يَنقطِعْ رَجاءُ التَّأديبِ، فإذا بَلَغ خَمسًا وعِشرينَ سَنةً ولَم يُؤنَسْ رُشدُه فقد انقَطَع رَجاءُ التَّأديبِ؛ لأنَّه يُتوهَّمُ أنْ يَصيرَ جَدًّا؛ لأنَّ البُلوغَ بالإنزالِ بعدَ اثنَتَيْ عَشرةَ سَنةً يَتحقَّقُ.

وقال أبو يُوسُفَ ومُحمدٌ: حُكمُ مَنْ بَلَغَ سَفيهًا حُكمُ الصَّبيِّ العاقِلِ، وحُكمُ البالِغِ المَعتوهِ، فهُم سَواءٌ، فلا يَنفُذُ بَيعُه وشِراؤُه وإجارَتُه وهِبَتُه وصَدَقتُه وما أشبَهَ ذلك مِنَ التَّصرُّفاتِ التي تَحتمِلُ النَّقضَ والفَسخَ.

وأمَّا فيما سِوى ذلك فحُكمُه وحُكمُ البالِغِ العاقِلِ الرَّشيدِ سَواءٌ، فيَجوزُ طَلاقُه ونِكاحُه وإعتاقُه وتَدبيرُه واستيلادُه، وتَجِبُ عليه نَفَقةُ زَوجاتِه

<<  <  ج: ص:  >  >>