عليهما في الأقوالِ دونَ الأفعالِ؛ لأنَّ الأفعالَ لا مَرَدَّ لها؛ لِوُجودِها حِسًّا ومُشاهَدةً، بخِلافِ الأقوالِ؛ لأنَّ اعتبارَها بالشَّرعِ والقَصدِ مِنْ شَرطِه، إلا إذا كان فِعلًا يَتعلَّقُ به حُكمٌ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ -كالحُدودِ والقِصاصِ- فيُجعَلُ عَدَمُ القَصدِ في ذلك شُبهةً في حَقِّ الصَّبيِّ والمَجنونِ، وإنَّما لَم تُوجِبْ هذه المَعاني الحَجْرَ في الأفعالِ لأنَّ الأفعالَ تَصحُّ منهم، كما تَصحُّ مِنْ غَيرِهم.
أمَّا إذا كان الصَّبيُّ المَأْذونُ يَعقِلُ البَيعَ والشِّراءَ فإنَّه يُؤاخَذُ بأقوالِه في الأموالِ، كما يُؤاخَذُ في الأفعالِ، حتى لو أقَرَّ بأنَّ لِفُلانٍ عليه مِئةَ دِرهَمٍ لَزِمَه.
والصَّبيُّ الذي لا يَعقِلُ غيرُ المَأذونِ له والمَجنونُ لا تَصحُّ منهما عُقودُهما ولا إقرارُهما، لا بمالٍ ولا بحَدٍّ مِنَ الحُدودِ؛ لأنَّه لا قَولَ لَهما؛ لأنَّ اعتبارَ الأقوالِ في الشَّرعِ مَنوطٌ بالأهليَّةِ، وهي مَعدومةٌ فيهما، ولِرُجحانِ جانِبِ الضَّرَرِ نَظَرًا إلى سَفَهِهما وقِلَّةِ مُبالاتِهما وعَدَمِ قَصدِهما المَصالِحَ.
أمَّا النَّفعُ المَحضُ فيَصحُّ منهما مُباشَرتُه، مِثلَ قَبولِ الهِبةِ والصَّدَقةِ، وكذا إذا آجَرَ الصَّبيُّ نَفْسَه ومَضى على ذلك العَمَلُ وَجَبتِ الأُجرةُ.
وتَصحُّ عِبارةُ الصَّبيِّ في مالِ غَيرِه وطَلاقِ غَيرِه وعِتاقِ غَيرِه إذا كان وَكيلًا.
ولا يَقَعُ طَلاقُهما ولا عِتاقُهما؛ لأنَّ الطَّلاقَ والعِتاقَ إسقاطُ حَقٍّ، فلا يَصحُّ مِنَ الصَّبيِّ والمَجنونِ، كالهِبةِ والبَراءةِ، ولا وُقوفَ لِلصَّبيِّ على المَصلَحةِ في الطَّلاقِ بحالٍ؛ لِعَدَمِ الشَّهوةِ، ولا وُقوفَ لِلوَليِّ على عَدَمِ التَّوافُقِ لِاحتِمالِ وُجودِ التَّوافُقِ على اعتِبارِ بُلوغِه حَدَّ الشَّهَوةِ، فلِهذا لا