للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥]، ولأنَّ الحَجْرَ عليه إنَّما كان لِعَجزِه عن التَّصرُّفِ في مالِه على وَجْهِ المَصلَحةِ؛ حِفظًا لِما له عليه، وبهذَيْنِ المَعنيَيْنِ يَقدِرُ على التَّصرُّفِ ويَحفَظُ مالَه فيَزولُ الحَجْرُ لِزَوالِ سَبَبِه (١).

إلا أنَّهم اختَلَفوا في الأُنثى إذا بَلَغتْ رَشيدةً، هل يَزولُ عنها الحَجْرُ؟ أم لا يَنفَكُّ إلا بعدَ الزَّواجِ؟

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَنفَكُّ عنها الحَجْرُ ببُلوغِها رَشيدةً، كالصَّبيِّ؛ لِعُمومِ قَولِ اللهِ : ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥]، ولأنَّها يَتيمةٌ بَلَغتْ وآنَسوا منها الرُّشدَ، فيُدفَعُ إليها مالُها كالرَّجُلِ.

ولأنَّها بالِغةٌ رَشيدةٌ جازَ لها التَّصرُّفُ في مالِها، كالتي دَخَل بها الزَّوجُ.

وقال الإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ: لا يُدفَعُ إلى الجاريةِ مالُها بعدَ بُلوغِها حتى تَتزوَّجَ وتَلِدَ، أو يَمضيَ عليها سَنةٌ في بَيتِ الزَّوجِ؛ لِما رُويَ عن شُرَيحٍ أنَّه قال: عَهِدَ إليَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ ألَّا أُجيزَ لِجارِيةٍ عَطيَّةً حتى تَحُولَ في بَيتِ زَوجِها حَولًا أو تَلِدَ وَلَدًا (٢).

قال ابنُ قُدامةَ : وعلى هذه الرِّوايةِ إذا لَم تَتزَوَّجْ أصلًا احتُمِلَ


(١) «المغني» (٤/ ٢٩٥).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١١) رقم (٢١٩١٤، ٢١٩١٩)، والبيهقي في «معرفة السنن والآثار» (١٣/ ٣٢٤)، ورجالُه عندَ ابنِ أبي شَيبةَ ثِقاتٌ لأنَّه رواهُ مِنْ طَريقِ الشَّعبيِّ عن شُريحٍ عن عُمرَ بنحوِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>