للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّهنُ كانت كذلك، وخَرَج الرَّهنُ مِنْ وَثيقةِ المُرتَهَنِ، وإنْ جعَلها قَضاءً مِنَ الألْفِ التي ليس فيها الرَّهنُ كانت كذلك، وكان الرَّهنُ على حالِه في الألْفِ الأُخرى وَثيقةً لِلمُرتَهَنِ.

فلو دَفَع الألْفَ قَضاءً مِنْ إحدى الألفَيْنِ ثم اختَلَفا فقال الدافِعُ القاضي (الراهِنُ): «دَفَعتُها قَضاءً مِنَ الألْفِ التي برَهنٍ»، وقال المُرتَهَنُ: «بل دَفَعتَها مِنَ الألْفِ التي بلا رَهنٍ»، فالقَولُ قَولُ الراهِنِ القاضي مع يَمينِه عندَ الشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ؛ لأنَّه بالدَّفعِ مُزيلٌ لِمِلكِه، فوَجَب أنْ يَكونَ القَولُ قَولَه في صِفةِ إزالةِ مِلكِه، كسائِرِ الأملاكِ.

وسَواءٌ اختَلَفا في نِيَّةِ الراهِنِ بذلك أو في لَفْظِه؛ لأنَّه أعلَمُ بنِيَّتِه وصِفةِ دَفْعِه؛ ولأنَّه يَقولُ: «إنَّ الدَّينَ المُتبَقِّيَ بلا رَهنٍ»، والقَولُ قَولُه في أصْلِ الرَّهنِ، فكذلك في صِفَتِه.

فإنْ دَفَعَها مُطلَقةً مِنْ غيرِ أنْ يُعَيِّنَها في أيِّ الألفَيْنِ فقد اختَلَف العُلماءُ في هذا:

فقال الشافِعيَّةُ في أحَدِ الوَجهَيْنِ والحَنابِلةُ: له صَرفُها إلى أيِّهما شاءَ، كما لو كان له مالٌ حاضِرٌ ومالٌ غائِبٌ فأدَّى قَدْرَ زَكاةِ أحَدِهما كان له أنْ يُعيِّنَ عن أيِّ المالَيْنِ شاءَ، وكما لو طَلَّقَ إحدى امرأتَيْه مِنْ غيرِ تَعيينٍ كان له أنْ يُعيِّنَ الطَّلاقَ في أيِّهما شاءَ، فعلى هذا إنْ شاءَ أنْ يَجعَلَها قَضاءً مِنَ الألْفِ التي فيها الرَّهنُ كان ذلك له، وإنْ شاءَ أنْ يَجعَلَها قَضاءً مِنَ الألْفِ التي ليس فيها الرَّهْنُ فذلك له.

<<  <  ج: ص:  >  >>