وإنْ أنفَقَ المُرتَهَنُ على الرَّهنِ بغَيرِ إذْنِ الراهِنِ مع إمكانِ استِئذانِه فهو مُتبرِّعٌ، ولو نَوَى الرُّجوعَ لأنَّه مُفرِّطٌ، حيث لَم يَستأذِنِ المالِكُ؛ إذِ الرُّجوعُ فيه مَعنى المُعاوَضةِ، فافتَقَر إلى الإذْنِ والرِّضا كسائِرِ المُعاوَضاتِ.
وإنْ عَجَز المُرتَهَنُ عن استِئذانِ الراهِنِ لِنَحوِ غَيبةٍ رَجَع المُرتَهَنُ عليه إذا نَوَى الرُّجوعَ؛ لأنَّه قامَ عنه بواجِبٍ، وهو مُحتاجٌ إليه لِحُرمةِ حَقِّه، ويَرجِعُ بالأقَلِّ مما أنفَقَه، وبنَفَقةِ مِثلِه، فإنْ كانتْ نَفَقةُ مِثلِه خَمسةً وأنفَقَ أربعةً رَجَع بالأربعةِ؛ لأنَّها التي أنفَقَها، وإنْ كانتْ بالعَكسِ رَجَع أيضًا بالأربعةِ لأنَّ الزائدَ على نَفَقةِ المِثلِ تَبرُّعٌ.
فإنْ لَم يُنوِّهْ فهو مُتبرِّعٌ لا رُجوعَ له.
وإنْ أنفَقَ مِنْ غيرِ استِئذانِ الحاكِمِ مع إمكانِه، أو مِنْ غيرِ إشهادٍ بالرُّجوعِ عندَ تَعذُّرِ استِئذانِه لِيَرجِعَ به رَجَع في أصَحِّ الرِّوايتَيْنِ.
ومِثلُ حُكمِ النَّفَقةِ على الرَّهنِ حُكمُ النَّفَقةِ على وَديعةٍ وعاريةٍ وجِمالٍ ونَحوِها، كبِغالٍ وحَميرٍ إذا هَرَب صاحِبُها وتَرَكها في يَدِ مُكتَرٍ وأنفَقَ عليها، فإنْ كان بنِيَّةِ الرُّجوعِ رَجَع وإلَّا فلا.
وإنِ انهَدَّتِ الدارُ المَرهونةُ فعَمَرَها المُرتَهَنُ بغَيرِ إذْنِ الراهِنِ لَم يَرجِعِ المُرتَهَنُ بما أنفَقَه في عِمارَتِها، ولو نَوى الرُّجوعَ؛ لأنَّه ليس بواجِبٍ على الراهِنِ بخِلافِ نَفَقةِ الحَيَوانِ.