للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو كانَ الإِنسانُ مُتوضِّئًا ثم ارتَدَّ والعياذُ باللهِ هل يَنتقضُ وُضوؤُه بهذا وتَكونُ الرِّدةُ حَدثًا أو لا يَنتقضُ وُضوؤُه، فإذا عادَ إلى الإِسلامِ وهو ما زالَ على وُضوئِه لم يَنتقضْ بشَيءٍ آخَرَ جازَ له الصَّلاةُ بهذا الوُضوءِ؟

فذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الرِّدةَ والعياذُ باللهِ حَدثٌ يَنقضُ الوُضوءَ، فلو ارتَدَّ إِنسانٌ والعياذُ باللهِ ثم عاوَدَ إِسلامَه ورجَعَ إلى دِينِ الحَقِّ فليسَ له الصَّلاةُ حتى يَتوضَّأَ، وإنْ كانَ مُتوضِّئًا قبلَ رِدتِه ولم يُنقضْ وُضوؤُه بأسبابٍ أُخرى؛ لقَولِه تَعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥] والطَّهارةُ عَملٌ.

ونقَلَ ابنُ القاسِمِ استِحبابَ الوُضوءِ في هذه الحالةِ.

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّ الرِّدةَ ليسَت من أَسبابِ الحَدثِ فلا يُنقضُ الوُضوءُ بها عندَهم؛ لقَولِه تَعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [البقرة: ٢١٧] فشَرطُ الحُبوطِ المَوتُ على ذلك (١).


(١) «جواهر الإكليل» (١/ ٢١)، و «مواهب الجليل» (١/ ٢٩٩، ٣٠٠)، و «الخلاصة الفقهية» (١/ ١٩)، و «القوانين الفقهية» ص (٢٢)، و «المجموع» (٢/ ٧٧)، و «نهاية المحتاج» (١/ ١٥)، و «المغني» (١/ ٢٢٦)، و «الاختيارات» (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>