للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجمَعوا أيضًا على أنَّه إذا أنفَقَ المُرتَهَنُ على الرَّهنِ بإذْنِ الحاكِمِ أو غَيرِه مع غَيبةِ الراهِنِ أو امتِناعِه كان دَينًا لِلمُنفِقِ على الراهِنِ (١).

وإنَّما اختَلَفوا فيما لو أنفَقَ المُرتَهَنُ على الرَّهنِ بدونِ إذْنِ الحاكِمِ ولَم يَكُنْ مُتبرِّعًا، هل يَرجِعُ على الراهِنِ أم لا؟ على تَفصيلٍ في هذا في كلِّ مَذهبٍ.

قال الحَنفيَّةُ: نَفَقةُ الرَّهنِ على الراهِنِ، لا على المُرتَهَنِ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «لَهُ غُنْمُهُ -أَيْ مَنَافِعُهُ- وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ -أَيْ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ» (٢)؛ ولأنَّه مِلكُه تَكونُ على مالِكِه.

والأصلُ أنَّ ما كان مِنْ حُقوقِ المِلكِ فهو على الراهِنِ؛ لأنَّ المِلكَ له، وما كان مِنْ حُقوقِ اليَدِ فهو على المُرتَهَنِ؛ لأنَّ اليَدَ له، فإذا عُرِفَ هذا نَقولُ:

الرَّهنُ إذا كان دابَّةً فالعَلَفُ وأُجرةُ الراعي على الراهِنِ؛ لأنَّ الرَّعيَ يَحتاجُ إليه لِزيادةِ الحَيَوانِ ونَمائِه، فصارَ كنَفَقتِه، وإنْ كان بُستانًا فسَقْيُه وتَلقيحُ نَخلِه وجِذاذُه والقيامُ بمَصالِحِه عليه، سَواءٌ كان في قيمةِ الرَّهنِ فَضلٌ على الدَّينِ أو لَم يَكُنْ؛ لأنَّ هذه الأشياءَ مِنْ حُقوقِ المِلكِ، ومُؤناتَ المِلكِ تَكونُ على المالِكِ، والمِلكَ لِلراهِنِ، فكانت المُؤنةُ عليه والخَراجُ على الراهِنِ؛ لأنَّه مُؤنةُ المِلكِ.

ولو كان في الرَّهنِ نَماءٌ فأرادَ الراهِنُ أنْ يَجعَلَ النَّفَقةَ التي ذَكَرنا أنَّها


(١) «الإفصاح» (١/ ٤٢٠).
(٢) تقدَّم تخريجُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>