للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الماوَرديُّ : وذلك لقَولِه : «كُلُّ شَرطٍ ليس في كِتابِ اللهِ فهو باطِلٌ ولو كان مِئةَ شَرطٍ، شَرطُ اللهِ أحَقُّ وعَقدُه أوثَقُ»، ولأنَّ لِلعُقودِ أُصولًا مُقدَّرةً، وأحكامَها مُعتَبَرةٌ لا تُغيِّرُها الشُّروطُ عن أحكامِها في شَرطِ سُقوطِ الضَّمانِ وإيجابِه، كالودائِعِ والشَّرِكةِ لمَّا كانتْ غيرَ مَضمونةٍ كالعُقودِ، لا تُعتبَرُ مَضمونةً بالشُّروطِ والقُروضِ والعَواري، لمَّا كانتْ مَضمونةً بالعَقدِ لَم يَسقُطِ الضَّمانُ بالشَّرطِ، كذلك الرَّهنُ، فإذا ثَبَتَ أنَّ اشتِراطَ ضَمانِ الرَّهنِ فاسِدٌ وَجَب اعتِبارُه، فإنْ كان مَشروطًا في عَقدِ الرَّهنِ صَحَّ الرَّهنُ وبطَل الشَّرطُ ولَم يَكُنْ بُطلانُه قادِحًا في صِحَّةِ الرَّهنِ، وإنْ كان مَشروطًا في عَقدِ الرَّهنِ فهذا مِنَ الشُّروطِ الناقِضةِ؛ لأنَّه شَرطٌ مِنْ جِهةِ الراهِنِ يَنفي بَعضَ أحكامِ الرَّهنِ، فكان الرَّهنُ باشتِراطِه فيه باطِلًا قَولًا واحِدًا، وهل يَبطُلُ البَيعُ المَشروطُ فيه أو لا؟ على قَولَيْنِ: أحَدُهما: يَبطُلُ، والآخَرُ: لا يَبطُلُ لكنْ يَكونُ البائِعُ بالخيارِ بينَ فَسخِ البَيعِ وإمضائِه بلا رَهنٍ (١).

إلا أنَّ المالِكيَّةَ فَرَّقوا في الضَّمانِ بينَ ما يُغابُ عليه وما لا يُغابُ عليه:

فإذا كان المَرهونُ مما يُغابُ عليه -أي: مما يُمكِنُ تَغييبُه وإخفاؤُه- كالحُلِيِّ والثِّيابِ والسِّلاحِ ونَحوِ ذلك، وكان بيَدِ المُرتَهَنِ لا بيَدِ أمينٍ آخَرَ، ولَم تَقُمْ بَيِّنةٌ على هَلاكِه أو احتِراقِه أو سَرِقَتِه بلا تَعَدٍّ ولا إهمالٍ ضمِنه، إلا أنْ يُقيمَ البَيِّنةَ على أنَّه تلِف أو هَلَكَ بغَيرِ سَبَبِه فلا ضَمانَ عليه حينَئذٍ؛ لأنَّ الضَّمانَ هنا ضَمانُ تُهمةٍ يَنتَفي بإقامةِ البَيِّنةِ.


(١) «مختصر المزني» ص (١٠٠)، و «الحاوي الكبير» (٦/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>