للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا ما زاد مِنْ قيمةِ المَرهونِ على الدَّينِ فهو أمانةٌ يَهلِكُ هَلاكَ الأماناتِ، فلا يُضمَنُ إلا بالتَّعدِّي أو التَّقصيرِ.

يَعني أنَّ الرَّهنَ يَهلِكُ بالأقَلِّ مِنْ قيمَتِه ومِنَ الدَّينِ، فإنْ كان مُساويًا لِلدَّينِ أو أكثَرَ سَقَطَ الدَّينُ، وإنْ كانتْ زيادةَ أمانةٍ تَهلِكُ على صاحِبِها -وهو الراهِنُ- وإنْ كانتْ أقَلَّ مِنَ الدَّينِ هَلَكتْ بقيمَتِها ورَجَع المُرتَهَنُ على الراهِنِ بما بَقيَ له مِنْ دَينِه، وإنْ لَم تُعرَفْ قيمةُ المَرهونِ.

بَيانُه: إذا رهَن ثَوبًا قيمَتُه عَشَرةٌ بعَشَرةٍ فهَلَك عندَ المُرتَهَنِ سَقَط دَينُه، وإنْ كانت قيمةُ الثَّوبِ خَمسةً يَرجِعُ المُرتَهَنُ على الراهِنِ بخَمسةٍ أُخرى، وإنْ كانتْ قيمَتُه خَمسةَ عَشَرَ فالفَضلُ أمانةٌ.

ومِثلُ المَرهونِ في ذلك المَبيعُ مَبيعًا بالوَفاءِ (١) في يَدِ المُشتَري، فهو مَضمونٌ


(١) بَيعُ الوَفاءِ هو أن يَقولَ البائعُ لِلمشتَري: بعتُ منكَ هذا العَينَ بما لَك عليَّ مِنَ الدَّينِ على أني مَتى قضيتُ الدَّينَ فهو لِي، أو يَقولُ البائعُ: بعتُك هذا بكَذا على أني مَتى دَفعت لَك الثَّمنَ تَدفعُ العَينَ إليَّ.
قالَ في «درر الحكام» (١/ ١٩): استِعمالُ كَلمةِ البيعِ فيه- أي بَيع الوَفاءِ- التي تَتضمَّنُ تَمليكَ المَبيعِ لِلمشتَري أثناءَ العقدِ لا يُفيدُ التَّمليكَ؛ لأنَّه لَم يكنْ مَقصودًا مِنَ الفَريقينِ بلِ المَقصودُ به هو تَأمينُ دَينِ المُشتَري المُترتبِ في ذمَّةِ البائعِ وَإبقاءُ المَبيعِ تحتَ يدِ المُشتَري لِحينِ وَفاءِ الدَّينِ ولذلكَ لَم يَخرجِ العقدُ عن كَونِه، عَقد رَهنٍ فَيجرِي به حُكمُ الرَّهنِ ولا يَجرِي حُكمُ البيعِ بِناءً على ما تقدَّم يحقُّ لِلبائعِ بيعًا وَفائيًّا أن يُعيدَ الثَّمنَ ويستَردّ المَبيعَ كما أنه يحقُّ لِلمُشتَري أن يُعيدَ المَبيعَ ويَسترجِعَ الثَّمنَ، ولو كانَ العَقدُ بَيعًا حَقيقيًّا لَما جازَ إعادةُ المَبيعِ واستِردادُ الثَّمنِ إلا باتِّفاقٍ مِنَ الفَريقَينِ على إقالةِ المَبيعِ مِثال: لَو اشتَرى شَخصٌ مِنْ بقَّالٍ رطلَ سُكرٍ وقالَ لَه: خذْ هذه السَّاعةَ أمانةً عندَك حتى أُحضرَ لَك الثَّمنَ فالسَّاعةُ لا تَكونُ أمانةً عندَ البقَّالِ بل يَكونُ حكمُها حكمَ الرَّهنِ، وللبقالِ أن يُبقيَها عندَه حتى يَستوفِيَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>