فأمَّا شَرطُ رَهنِ المَبيعِ بعَينِه على ثَمَنِه فلا يَصحُّ؛ لِوُجوهٍ:
منها: أنَّه غيرُ مَملوكٍ له.
ومنها: أنَّ البَيعَ يَقتَضي إيفاءَ الثَّمَنِ مِنْ غيرِ المَبيعِ، والرَّهنَ يَقتَضي الوَفاءَ منه.
ومنها: أنَّ البَيعَ يَقتَضي تَسليمَ المَبيعِ أوَّلًا، ورَهنَ المَبيعِ يَقتَضي ألَّا يُسَلِّمَه حتى يَقبِضَ الثَّمَنَ.
ومنها: أنَّ البَيعَ يَقتَضي أنْ يَكونَ إمساكُ المَبيعِ مَضمونًا، والرَّهنَ يَقتَضي ألَّا يَكونَ مَضمونًا، وهذا يُوجِبُ تَناقُضَ أحكامِهما.
وظاهِرُ الرِّوايةِ صِحَّةُ رَهنِه.
وقَولُهم: إنَّه غيرُ مَملوكٍ، قال: إنَّما شُرِطَ رَهنُه بعدَ هَلَكِه.
وقَولهُم: «البَيعُ يَقتَضي إيفاءَ الثَّمَنِ مِنْ غيرِ المَبيعِ»، غيرُ صَحيحٍ، إنَّما يَقتَضي وَفاءَ الثَّمَنِ مُطلَقًا، ولو تَعذَّرَ وَفاءُ الثَّمَنِ مِنْ غيرِ المَبيعِ لاستُوفيَ مِنْ ثَمَنِه.
وقَولُهم: «البَيعُ يَقتَضي تَسليمَ المَبيعِ قُبَيلَ تَسليمِ الثَّمَنِ»، مَمنوعٌ، وإنْ سُلِّمَ فلا يَمتنِعُ أنْ يَثبُتَ بالشَّرطِ خِلافُه، كما أنَّ مُقتَضى البَيعِ حُلولُ الثَّمَنِ ووُجوبُ تَسليمِه في الحالِ، ولو شُرِطَ التأجيلُ جازَ، وكذلك مُقتَضى البَيعِ ثُبوتُ المِلكِ في المَبيعِ، والتَّمكينُ مِنَ التَّصرُّفِ فيه، ويَنتَفي بشَرطِ الخيارِ، وهذا هو الجَوابُ عن الوَجهَيْنِ الثالِثِ والرابِعِ.
فأمَّا إنْ لَم يُشترَطْ ذلك في البَيعِ، لكنْ رَهَنه عندَه بعدَ البَيعِ، فإنْ كان بعدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute