ولو كانت له عندَه ثِيابٌ أو شَيءٌ مما لا يَزولُ بنَفْسِه وَديعةً أو عاريةً أو بإجارةٍ فرهَنه إيَّاها وأذِنَ له في قَبضِها قبلَ القَبضِ وهي غيرُ غائِبةٍ عن مَنزِلِه كان هذا قَبضًا، وإنْ كانتْ غائِبةً عن مَنزِلِه لَم يَكُنْ قَبضًا حتى يَحدُثَ لها قَبضٌ، وإنْ كان رَهنُه إيَّاها في سُوقٍ أو مَسجِدٍ، وهي في مَنزِلِه، وأذِنَ له في قَبضِها لَم يَكُنْ قَبضًا حتى يَصيرَ إلى مَنزِلِه وهي فيه، فيَكونَ لها حينَئذٍ قابِضًا؛ لأنَّها قد تَخرُجُ مِنْ مَنزِلِه، بخِلافِه إلى سَيِّدِها وغَيرِه.
ولا يَكونُ القَبضُ إلا ما حَضَرَه المُرتَهَنُ لا حائِلَ دونَه، أو حَضَرَه وَكيلُه كذلك.
ولو كان الرَّهنُ أرضًا أو دارًا غائِبةً عن المُرتَهَنِ وهي وَديعةٌ في يَدِه، وقد وُكِّلَ بها فأذِنَ له في قَبضِها لَم تَكُنْ مَقبوضةً حتى يُحضِرَها المُرتَهَنُ أو وَكيلُه بعدَ الرَّهنِ مُسَلَّمةً لا حائِلَ دُونَها؛ لأنَّها إذا كانتْ غائبةً عنه فقد يَحدُثُ لها مانِعٌ منه، فلا تَكونُ مَقبوضةً أبدًا إلا بأنْ يَحضُرَها المُرتَهَنُ أو وَكيلُه لا حائِلَ دونها، ولو جاءتْ عليه في هذه المَسائِلِ مُدَّةٌ يُمكِنُه فيها أنْ يَبعَثَ رَسولًا إلى الرَّهنِ حيثُ كان يَقبِضُه، فادَّعى المُرتَهَنُ أنَّه قبَضه كان مَقبوضًا؛ لأنَّه يَقبِضُ له وهو غائِبٌ عنه (١).
(١) «الأم» (٣/ ١٤٢)، ويُنظر: «بدائع الصنائع» (٦/ ١٤٢)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٦٩)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٩٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٨٦)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٣٨٢، ٣٨٣)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٩)، و «البهجة في شرح التحفة» (١/ ٢٧٦)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٤١٤)، و «الإشراف» (٣/ ١٠) رقم (٨٦٦)، و «المغني» (٤/ ٢١٩، ٢٢٠)، و «الإنصاف» (٥/ ١٥٠، ١٥١).