للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طُولِبَ بالوَديعةِ فجحَدها لِتغَيُّرِ الحُكمِ وصارَتْ مَضمونةً عليه مِنْ غيرِ أمرٍ زائِدٍ، ولو عاد الجاحِدُ فأقَرَّ بها وقال لِصاحِبِها: «خُذْ وَديعَتَكَ»، فقال: «دَعْها عندَكَ وَديعةً كما كانتْ ولا ضَمانَ عليكَ فيها»، لَتغَيَّرَ الحُكمُ مِنْ غيرِ حُدوثِ أمرٍ زائِدٍ.

وذهَب الشافِعيَّة والقاضي مِنَ الحَنابِلةِ إلى أنَّه لا يَصيرُ رَهنًا حتى تَمضيَ مُدَّةٌ يَتأتَّى قَبضُه فيها، فإنْ كان مَنقولًا يُمضي مُدَّةً يُمكِنُ نَقلُه فيها، وإنْ كان مَكيلًا يُمضي مُدَّةً يُمكِنُ اكتيالُه فيها، وإنْ كان غيرَ مَنقولٍ يُمضي مُدَّةَ التَّخليةِ، وإنْ كان غائبًا عن المُرتَهَنِ لَم يَصِرْ مَقبوضًا حتى يُوافيَه هو أو وَكيلَه ثم تَمضي مُدَّةٌ يُمكِنُ قَبضُه فيها؛ لأنَّ العَقدَ يَفتَقِرُ إلى القَبضِ، والقَبضَ إنَّما يَحصُلُ بفِعلِه أو بإمكانِه، ويَكفي ذلك ولا يَحتاجُ إلى وُجودِ حَقيقةِ القَبضِ؛ لأنَّه مَقبوضٌ حَقيقةً، فإنْ تلِف قبلَ مُضيِّ مُدَّةٍ يَتأتَّى قَبضُه فيها فهو كتَلَفِ الرَّهنِ قبلَ قَبضِه.

قال الإمامُ الشافِعُّي : لو كان لِرَجُلٍ عَبدٌ في يَد رَجُلٍ بإجارةٍ أو وَديعةٍ فرهَنه إيَّاه وأمَرَه بقَبضِه، كان هذا رَهنًا إذا جاءتْ عليه ساعةٌ بعدَ ارتِهانِه إيَّاه وهو في يَدِه؛ لأنَّه مَقبوضٌ في يَدِه بعدَ الرَّهنِ، ولو كان العَبدُ الرَّهنُ غائِبًا عن المُرتَهَنِ لَم يَكُنْ قَبضًا حتى يُحضِرَه، فإذا أحضَرَه بَعدَما أذِنَ له بقَبضِه فهو مَقبوضٌ، كما يَبيعُه إيَّاه وهو في يَدِه ويأمُرُه بقَبضِه فيَقبِضُه بأنَّه في يَدِه فيَكونُ البَيعُ تامًّا، ولو ماتَ ماتَ مِنْ مالِ المُشتَري، ولو كان غائِبًا لَم يَكُنْ مَقبوضًا حتى يَحضُرَ المُشتَري بعدَ البَيعِ، فيَكونَ مَقبوضًا بعدَ حُضورِه، وهو في يَدَيْه.

<<  <  ج: ص:  >  >>