للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرابِعُ: أنَّ خبَرَنا صَحيحٌ مُستَفيضٌ ثبَتَ له قُوةُ الصِّحةِ والاستِفاضةِ والخُصوصِ، وخبَرُهم ضَعيفٌ لعَدمِ هذه الوُجوهِ الثَّلاثةِ فيه، فلا يَجوزُ أنْ يَكونَ ناسِخًا له.

فإنْ قيلَ: الأمرُ بالوُضوءِ في خَبَرُكم يَحتمِلُ الاستِحبابُ، فنَحمِلُه عليه، ويَحتملُ أنَّه أرادَ بالوُضوءِ قبلَ الطَّعامِ وبعدَه غَسلَ اليَدينِ؛ لأنَّ الوُضوءَ إذا أُضيفَ إلى الطَّعامِ اقتَضى غَسلَ اليَدِ، كما كانَ يأمُرُ بالوُضوءِ قبلَ الطَّعامِ وبعدَه، وخَصَّ ذلك بلَحمِ الإبِلِ؛ لأنَّ فيه من الحَرارةِ والزُّهومةِ ما ليسَ في غيرِه.

قُلنا: أمَّا الأولُ فمُخالِفٌ للظاهِرِ من ثَلاثةِ أوجُهٍ:

أحدُها: أنَّ مُقتَضى الأمرِ الوُجوبُ.

والثاني: أنَّ النَّبيَّ سُئِل عن حُكمِ هذا اللَّحمِ، فأجابَ بالأمرِ بالوُضوءِ منه، فلا يَجوزُ حَملُه على غيرِ الوُجوبِ؛ لأنَّه يَكونُ تَلبيسًا على السائِلِ لا جَوابًا.

والثالِثُ: أنَّه قرَنَه بالنَّهيِ عن الوُضوءِ من لُحومِ الغَنمِ، والمُرادُ بالنَّهيِ ههنا نَفيُ الإِيجابِ، ليسَ المُرادُ التَّحريمَ، فيَتعيَّنُ حَملُ الأمرِ على الإِيجابِ ليَحصُلَ الفَرقُ.

وأمَّا الثاني: فلا يَصحُّ لوُجوهٍ أربَعةٍ:

أحدُها: أنَّه يَلزمُ منه حَملُ الأمرِ على الاستِحبابِ؛ فإنَّ غَسلَ اليَدِ بمُفردِه غيرُ واجِبٍ، وقد بَيَّنَّا فَسادَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>