وقال الشافِعيَّةُ: الشَّرطُ في الرَّهنِ على أربعةِ أضرُبٍ:
أحَدُها: ما كان مِنْ مُوجِباتِه: مِثلَ اشتِراطِ سُقوطِ ضَمانِه عن مُرتَهَنِه وتَمليكِ مَنافِعِه لِراهِنِه وبَيعِه عندَ حُلولِ أجَلِه وقَضاءِ الحَقِّ مِنْ ثَمَنِه عندَ تَعذُّرِ قَبضِه، وهذه وما بَيَّنَّا كلُّها مِنْ مُوجِباتِ الرَّهنِ لو لَم يَشتَرطْها لَوَجَبتْ، وإذا اشتَرَطَها تَأكَّدتْ.
والثاني: ما كان مِنْ جائِزاتِه: مِثلَ اشتِراطِ وَضعِه على يَدِ عَدلٍ يَرضَيانِ به، والتَّوكيلِ في بَيعِه نيابةً لِراهِنِه ومُرتَهَنِه، فإنْ شَرَط هذا مع العَقدِ أو بَعدَه صَحَّ العَقدُ وجازَ الشَّرطُ، وإنْ أخَلَّا بتَعيينِه وبالشَّرطِ صَحَّ العَقدُ وسَقَط الشَّرطُ، فأمَّا حُلولُ الرَّهنِ وتأجيلُه فليس مِنْ جائِزاتِ الرَّهنِ، وإنَّما هو مِنْ مُوجِباتِ الدَّينِ، لا عَقدِ الرَّهنِ، فيَجِبُ أنْ يَكونَ بحَسَبِ الدَّينِ مِنْ حُلولِه وتأجيلِه، فإنْ كان الدَّينُ حالًّا وجَب أنْ يَكونَ عَقدُ الرَّهنِ حالًّا، فإنْ عُقِدَ مُؤجَّلًا بطَل؛ لأنَّ الرَّهنَ مما أمكَنَ استِيفاءُ الدَّينِ منه عندَ استِحقاقِه، وإنْ كان الدَّينُ مُؤجَّلًا وجَب أنْ يَكونَ عَقدُ الرَّهنِ مُؤجَّلًا، فإنْ عَقَدَه حالًّا بطَل؛ لأنَّ الرَّهنَ ما أمكَنَ استِدامةُ التَّوثُّقِ إلى حُلولِ الدَّينِ، فلذلك وَجَب أنْ يَكونَ حُلولُ الرَّهنِ وتأجيلُه على حَسَبِ الدَّينِ وتأجيلِه.
والضَّربُ الثالِثُ منها هو ما كان مِنْ مَمنوعاتِه الناقِصةِ: مِثلَ اشتِراطِ تأخيرِ بَيعِه شَهرًا بعدَ حُلولِ أجَلِه، أو يُمتنَعُ مِنْ بَيعِه عندَ حُلولِه إلا باختيارِ راهِنِه، أو يُباعُ بيَمينٍ عندَ استِحقاقِ بَيعِه، فإذا بِيعَ لَم يُستَوْفَ جَميعُ الحَقِّ مِنْ ثَمَنِه، فهذه وما شابَهَها كلُّها شُروطٌ يَمنَعُ الرَّهنُ منها، وهي شُروطٌ