وقال المالِكيَّةُ: إذا شَرَط الراهِنُ في الرَّهنِ شَرطًا يُنافي ما يَقتَضيه العَقدُ ويُغيِّرُ مُوجِبَه فإنَّه لا يَجوزُ ويَفسُدُ الرَّهنُ بسَبَبِ ذلك الشَّرطِ، ولو أسقَطَ الشَّرطَ؛ إذِ القاعِدةُ أنَّ كلَّ عَقدٍ شُرِطَ فيه شَرطٌ مُنافٍ لِما يَقتَضيه مُفسِدٌ له، كما إذا شَرَط ألَّا يَقبِضَه المُرتَهَنُ، أو ألَّا يُباعَ عندَ الأجَلِ في الحَقِّ الذي رُهِنَ فيه، أو شَرَط الراهِنُ أجَلًا مُعيَّنًا وبَعدَه لا يَكونُ رَهنًا، أو لا يَكونُ الوَلَدُ رَهنًا مع أُمِّه فإنَّه يَبطُلُ حُكمُه؛ لأنَّ عَقدَ الرَّهنِ يَقتَضي أنَّه يُباعُ إذا لَم يُوَفِّ الراهِنُ الدَّينَ، ويُقبَضُ عندَ المُرتَهَنِ، أو عندَ أمينٍ، فإنْ شَرَط خِلافَ ذلك كان مُناقِضًا ورافِعًا لِلحَقيقةِ.
ولو وَقَع الشَّرطُ المُنافي بعدَ العَقدِ لا يُعتبَرُ، بل هو لَاغٍ والرَّهنُ صَحيحٌ.
وكذا يَبطُلُ الرَّهنُ إذا جعَله في بَيعٍ فاسِدٍ أو قَرضٍ فاسِدٍ ودَفَعَه المُشتَري -الراهِنُ- ظانًّا أنَّه يَلزَمُه الوَفاءُ به، أو لَم يَظُنَّ اللُّزومَ؛ فإنَّه يَكونُ الرَّهنُ فاسِدًا، ويَستَرِدُّه الراهِنُ، كمَن ظَنَّ أنَّ عليه دَينًا فدَفَعَه لِصاحِبِه، ثم تَبيَّنَ أنَّه لا دَينَ عليه، فإنَّه يَسترِدُّه ممَّن أخَذَه.
مِثالُ الفاسِد مِنَ البَيعِ: البَيعُ الواقِعُ وَقتَ نِداءِ الجُمُعةِ أو لِأجَلٍ مَجهولٍ، والقَرضُ الفاسِدُ كدَفعِ عَفِنٍ في جَيِّدٍ (١).
(١) «تحبير المختصر» (٤/ ٩١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٤/ ٣٨٨، ٣٨٩)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٢٤٣، ٢٤٤)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٤١٨، ٤٢١)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٣)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٧/ ٢١٧)، و «بلغة السالك» (٣/ ١٩٦).