للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحَنابِلةُ: ولا يَصحُّ الرَّهنُ إلا بالإيجابِ والقَبولِ أو ما يَدلُّ عليهما مِنَ الراهِنِ والمُرتَهَنِ، كسائِرِ العُقودِ، ويَنعَقِدُ بالمُعاطاةِ كالبَيعِ (١).

وصُورةُ المُعاطاةِ عندَ الشافِعيَّةِ هنا أنْ يَقولَ له: «أقرِضْني عَشَرةً لِأُعطيَكَ ثَوبي هذا رَهنًا»، فيُعطي العَشَرةَ ويُقبِضُه الثَّوبَ (٢).

وقال الشافِعيَّةُ في المَذهبِ وابنُ القاسِمِ مِنَ المالِكيَّةِ: لا يَصحُّ الرَّهنُ بالمُعاطاةِ؛ بل لا بُدَّ مِنَ الصِّيغةِ كما سبَق في البَيعِ.

قال الشافِعيَّة في المَذهبِ: وشَرطُ الصِّيغةِ: الإيجابُ والقَبولُ: وهُما كلُّ كَلامٍ يَدلُّ على الرَّهنِ والقَبولِ به مِنَ الراهِنِ والمُرتَهَنِ، كأنِ يَقولَ الراهِنُ: «رَهَنتُكَ داري هذه بما لَكَ علَيَّ مِنَ الدَّينِ»، أو: «خُذْ هذا -لِسِلعةٍ في يَدِه- رَهنًا بثَمَنِ هذا -لِشَيءٍ اشتَراه-»، فيَقولَ صاحِبُ الدَّينِ في الحالتَيْنِ: «قَبِلتُ»، أو: «ارتَهَنتُ»، ونَحوَ ذلك.

والأصلُ في اشتِراطِ الصِّيغةِ في الرَّهنِ -وغَيرِه مِنَ العُقودِ- أنَّه عَقدٌ فيه تَبادُلٌ ماليٌّ، فيُشترَطُ فيه الرِّضا؛ لأنَّه لا يَحِلُّ مالُ امرِئٍ إلا عن طِيبِ نَفْسٍ منه، والرِّضا أمرٌ خَفيٌّ، فيُكتَفى بما يَدلُّ عليه، وهو اللَّفظُ مِنَ المتعاقِدَيْنِ.

وأمَّا الأخرَسُ: فيُكتَفى منه بإشارَتِه المَعهودةِ المُفهِمةِ رِضاه بالرَّهنِ،


(١) «الإنصاف» (٥/ ١٣٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٧٦)، و «مطالب أولى النهى» (٣/ ٢٤٩).
(٢) «مغني المحتاج» (٣/ ٣٨)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٢٦٩)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٦٥٦، ٦٥٧)، و «حاشية إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين» (٣/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>