والمُرادُ بالأجَلِ: شَهرٌ فما فَوقَه، فإذا كان أقَلَّ مِنْ شَهرٍ كان استِصناعًا إنْ جَرى فيه تَعامُلٌ، وإلا ففاسِدٌ إنْ ذَكَره على وَجهِ الاستِمهالِ، وإنْ كان لِلاستِعجالِ بأنْ قال:«على أنْ تَفرُغَ منه غَدًا أو بعدَ غَدٍ»، كان صَحيحًا.
وإنْ كان الأجَلُ أقَلَّ مِنْ شَهرٍ لا يَصحُّ سَلَمًا.
والخُلاصةُ: أنَّ المُؤجَّلَ بشَهرٍ فأكثَرَ سَلَمٌ، والمُؤجَّلُ بدُونِه إنْ لَم يَجرِ فيه تَعامُلٌ هو استِصناعٌ فاسِدٌ، إلا إذا ذَكَر الأجَلَ لِلاستِعجالِ فصَحيحٌ.
وقال أبو يُوسُفَ ومُحمدٌ: هذا ليس بشَرطٍ، وهو استِصناعٌ على كلِّ حالٍ ضَرَب فيه أجلًا أو لَم يَضرِبْ.
ولو ضَرَب لِلاستِصناعِ فيما لا يَجوزُ فيه الاستِصناعُ -كالثِّيابِ ونَحوِها- أجَلًا يَنْقَلِبُ سَلَمًا في قَولِهم جَميعًا.
وَجهُ قَولِهما أنَّ العادةَ جاريةٌ بضَربِ الأجَلِ في الاستِصناعِ، وإنَّما يُقصَدُ به تَعجيلُ العَمَلِ، لا تأخيرُ المُطالَبةِ، فلا يَخرُجُ به عن كَونِه استِصناعًا، أو يُقالُ: قد يُقصَدُ بضَربِ الأجَلِ تأخيرُ المُطالَبةِ، وقد يُقصَدُ به تَعجيلُ العَمَلِ، فلا يَخرُجُ العَقدُ عن مَوضوعِه مع الشَّكِّ والاحتِمالِ بخِلافِ ما لا يَحتمِلُ الاستِصناعَ؛ لأنَّ ما لا يَحتمِلُ الاستِصناعَ لا يُقصَدُ بضَربِ الأجَلِ فيه تَعجيلُ العَمَلِ، فتَعيَّنَ أنْ يَكونَ لِتأخيرِ المُطالَبةِ بالدَّينِ، وذلك بالسَّلَمِ (١).
(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٢، ٣)، و «الاختيار» (٢/ ٤٧)، و «شرح فتح القدير» (٧/ ١١٥)، و «البحر الرائق» (٦/ ١٨٥)، و «ابن عابدين» (٥/ ٢٢٣، ٢٢٤).