للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَجوزُ لِلمُسلِمِ أنْ يَتصرَّفَ في المُسلَمِ فيه قبلَ قَبضِه ببَيعٍ، سَواءٌ لِمَنْ هو في ذِمَّتِه أو لِغَيرِه؛ لأنَّه لا يُؤمَنُ مِنْ فَسخِ العَقدِ بسَبَبِ انقِطاعِ المُسلَمِ فيه وامتِناعِ الاعتِياضِ عنه، فكانَ كالمَبيعِ قبلَ القَبضِ، ولِما رُويَ مَرفوعًا: «مَنْ أسلَمَ في شَيءٍ فلا يَصرِفْه في غَيرِه» (١)، وهذا يَقتَضي ألا يَبيعَ المُسلِمُ دَينَ السَّلَمِ، لا مِنْ صاحِبِه ولا مِنْ غَيرِه، ولأنَّه بَيعُ ما لَم يُقبَضْ؛ ولأنَّه بَيعُ دَينٍ في ذِمَّةِ الغَيرِ وهو غيرُ قادِرٍ على تَسليمِه.

قال ابنُ قُدامةَ : أمَّا بَيعُ المُسلَمِ فيه قبلَ قَبضِه فلا نَعلَمُ في تَحريمِه خِلافًا.

وقد نَهى النَّبيُّ عن بَيعِ الطَّعامِ قبلَ قَبضِه، وعن رِبحِ ما لَم يُضمَنْ، ولأنَّه مَبيعٌ لَم يَدخُلْ في ضَمانِه لَم يَجُزْ بَيعُه، كالطَّعامِ قبلَ قَبضِه (٢).

وذهَب المالِكيَّةُ إلى جَوازِ بَيعِ المُسلِمِ المُسلَمَ فيه مِنْ غيرِ المُسلَمِ إليه قبلَ قَبضِه مُطلَقًا في غيرِ الطَّعامِ، ومِنَ المُسلِمِ في غيرِ مَوضِعَيْنِ، قال ابنُ رُشدٍ: وأمَّا مالِكٌ فإنَّه منَع شِراءَ المُسلَمِ فيه قبلَ قَبضِه في مَوضِعَيْنِ:

أحَدُهما: إذا كان المُسلَمُ فيه طَعامًا، وقال ذلك بِناءً على مَذهبِه في أنَّ الذي يُشترَطُ في بَيعِه القَبضُ هو الطَّعامُ على ما جاء عليه النَّصُّ في الحَديثِ.


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٤٦٨)، وابن ماجه (٢٢٨٣).
(٢) «المغني» (٤/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>