للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقَولِ النَّبيِّ فِي حَدِيثِ عُبادةَ: «فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بَيَدٍ» (١) (٢).

وقال المالِكيَّةُ: يُشترَطُ ألَّا يَكونَ العِوَضانِ -أي: رأسُ المالِ والمُسلَمُ فيه- طعامَيْنِ مُطلَقًا، ولا نَقدَيْنِ كذهَب في فِضَّةٍ وعَكسِه أو ذهَب في ذهَب أو فِضَّةٍ في فِضَّةٍ؛ لأنَّه يُؤدِّي إلى رِبا النَّسيئةِ مُطلَقًا، وإلى رِبا الفَضلِ في الجِنسِ الواحِدِ.

فلا يَجوزُ أنْ تَقولَ لِآخَرَ: «أسلِمُكَ إردَبَّ قَمحٍ في إردَبِّ قَمحٍ أو فُولٍ»، ولا: «أُسلِمُكَ دينارًا في قَدْرٍ مِنْ فِضَّةٍ أو في دينارٍ» ما لَم يَتَّحِدِ القَدْرُ والصِّنفُ إلا أنْ يَقَعَ بلَفظِ القَرضِ أو السَّلَفِ فيَجوزُ.

وحُكمُ الفُلوسِ الجُدُدِ هنا حُكمُ العَينِ؛ لأنَّه صَرفٌ، فلا يَجوزُ سَلَمُ بَعضِها في بَعضٍ، وإنَّما امتَنَعَ أنْ يَكونا طعامَيْنِ أو نَقدَيْنِ لِأدائِه لِرِبا الفَضلِ والنَّساءِ عندَ تَحقُّقِ الزِّيادةِ، أو لِأدائِه لِرِبا النَّساءِ عندَ تَماثُلِ رأسِ المالِ لِلمُسلَمِ فيه.

ولا يَصحُّ في نَخلةٍ مُثمِرةٍ في طَعامٍ، ولا يُسلَمُ شَيءٌ مِنْ غيرِ الطَّعامِ في أجوَدَ منه ولا أكثَرَ منه مِنْ جِنسِه كثَوبٍ في ثَوبٍ أجوَدَ منه أو ثَوبٍ في ثَوبَيْنِ مِثلِه لِئلَّا يُؤدِّيَ إلى سَلَفٍ جَرَّ مَنفَعةً، فالجَودةُ هنا بمَنزِلةِ الكَثرةِ، ولا يُسلَّمُ ثَوبانِ في ثَوبٍ مِثلِه أو أردَأَ لِئلَّا يُؤدِّيَ إلى ضَمانٍ بجُعلٍ، أي أنْ يُؤدِّيَ إلى التُّهمةِ على ذلك.


(١) رواه مسلم (١٥٨٧).
(٢) «الاختيار» (٢/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>