بالخيارِ» لَم يَجُزْ فيه البَيعُ، كما يَجوزُ أنْ يَتشارَطا الخيارَ ثلاثًا في بُيوعِ الأعيانِ، وكذلك لو قال:«أبتاعُ منكَ مِئةَ صاعٍ تَمرًا بمِئةِ دينارٍ على أني بالخيارِ يومًا إنْ رَضيتُ أعطَيتُكَ الدَّنانيرَ، وإنْ لَم أرضَ فالبَيعُ بَيني وبَينَكَ مَفسوخٌ» لَم يَجُزْ؛ لأنَّ هذا بَيعٌ مَوصوفٌ، والبَيعُ المَوصوفُ لا يَجوزُ إلا بأنْ يَقبِضَ صاحِبُه ثَمَنَه قبلَ أنْ يَتفَرَّقا؛ لأنَّ قَبْضَه ما سُلِّفَ فيه قَبْضُ مِلكٍ وهو لو قَبَض مالَ الرَّجُلِ على أنَّه بالخيارِ لَم يَكُنْ قَبْضُه قَبْضَ مِلكٍ ولا يَجوزُ أنْ يَكونَ الخيارُ لِواحِدٍ منهما؛ لأنَّه إنْ كان لِلمُشتَري لَم يَملِكِ البائعُ ما دُفِعَ إليه، وإنْ كان لِلبائعِ لَم يَملِكْه البائِعُ ما باعه؛ لأنَّه عسى أنْ يَنتفِعَ بمالِه ثم يَرُدَّه إليه فلا يَجوزُ البَيعُ فيه إلا مَقطوعًا بلا خيارٍ (١).
وقال المالِكيَّةُ: يَجوزُ أنْ يَجعَلَ أحَدُهما لِصاحِبِه أو لِأجنبيٍّ الخيارَ في إمضاءِ عَقدِ السَّلَمِ أو رَدِّه بشَرطَيْنِ:
الأوَّلُ: أنْ يَكونَ ذلك ثلاثةَ أيامٍ فأقَلَّ، وهو الأجَلُ الذي يَجوزُ تأخيرُ رأسِ المالِ إليه بالشَّرطِ، فلا تَجوزُ الزِّيادةُ على ذلك سَواءٌ أكان رأسُ المالِ عَينًا أم غَيرَه؛ إذْ لا يَجوزُ التأخيرُ أزيَدَ مِنْ ثلاثةِ أيامٍ بشَرطٍ ولا بغَيرِه.
الثاني: ألَّا يَنقُدَ رأسَ المالِ في زَمَنِ الخيارِ بشَرطٍ ولا تَطوُّعٍ؛ لأنَّه لو نَقَد وتم السَّلَمُ لَكان فَسخَ دَينٍ في دَينٍ؛ لِإعطاءِ المُسلَمِ إليه سِلعةً مَوصوفةً لِأجَلٍ عما تَرتَّبَ في ذِمَّتِه، وهو حَقيقةُ فَسخِ الدَّينِ في الدَّينِ.
(١) «الأم» (٣/ ١٣٣)، و «الإقناع» لِلماوردي (٩٨)، و «الإقناع» لِلشربيني (٢/ ٢٩٦)، و «كفاية الأخيار» (٣٠٤).