للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخيارُ أعظَمُ غَرَرًا منه؛ لأنَّه مانِعٌ مِنَ المِلكِ أو مِنْ لُزومِه، وأمَّا خيارُ المَجلِسِ فإنَّه يَثبُتُ فيه عندَ مَنْ يَقولُ به كما تَقدَّم؛ لِعُمومِ قَولِه : «البَيِّعانِ بالخيارِ ما لَمْ يَتفَرَّقا»، والسَّلَمُ بَيعٌ مَوصوفٌ في الذِّمَّةِ.

قال الحَنفيَّةُ: فلو أسلَمَ شَخصٌ عَشَرةَ دَراهِمَ في مِكيالِ حِنطةٍ على أنَّه بالخيارِ ثلاثةَ أيامٍ وقَبَض المُسلَمُ إليه رأسَ المالِ وتَفرَّقا بأبدانِهما بَطَل عَقدُ السَّلَمِ؛ لأنَّ مَشروعيَّةَ الخيارِ كانتْ بخِلافِ القياسِ؛ لِحاجةِ الناسِ، ولا حاجةَ إليه في السَّلَمِ.

فلو أبطَلَ العاقدانِ الخيارَ قبلَ التَّفرُّقِ بالأبدانِ ورأسُ المالِ قائِمٌ في يَدِ المُسلَمِ إليه انقلَبَ العَقدُ جائزًا، ولو هلَكَ رأسُ المالِ لا ينقَلِبُ إلى الجَوازِ.

أمَّا خيارُ الرُّؤيةِ في رأسِ المالِ وخيارُ العَيبِ فيه فلا يَفسُدُ السَّلَمُ؛ لأنَّه لا يَمنَعُ ثُبوتَ المِلكِ.

قال الإمامُ الكاسانيُّ : يُشترَطُ أنْ يَكونَ العَقدُ باتًّا عاريًا عن شَرطِ الخيارِ لِلعاقدَيْنِ أو لِأحَدِهما؛ لأنَّ جَوازَ البَيعِ مع شَرطِ الخيارِ في الأصلِ ثَبَت مَعدولًا به عن القياسِ؛ لأنَّه شَرطٌ يُخالِفُ مُقتَضى العَقدِ بثُبوتِ الحُكمِ لِلحالِ، وشَرطُ الخيارِ يَمنَعُ انعِقادَ العَقدِ في حَقِّ الحُكمِ، ومِثلُ هذا الشَّرطِ مُفسِدٌ لِلعَقدِ في الأصلِ، إلَّا أنَّا عَرَفنا جَوازَه بالنَّصِّ، والنَّصُ وَرَد في بَيعِ العَينِ، فبَقيَ ما وَراءَه على أصلِ القياسِ خُصوصًا إذا لَم يَكُنْ في مَعناه، والسَّلَمُ ليس في مَعنى بَيعِ العَينِ فيما شُرِعَ له الخيارُ؛ لأنَّه شُرِعَ لِدَفعِ الغَبنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>