للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجَلٍ مَعْلُومٍ» (١)، وكبَقيَّةِ البُيوعِ، ولأنَّه يَجبُ التَّسليمُ مَكانَ العَقدِ؛ لأنَّ مُقتَضى العَقدِ التَّسليمُ في مَكانِه.

قال الإمامُ الكاسانيُّ : ومنها بَيانُ مَكانِ إيفائِه إذا كان له حَملٌ ومُؤنةٌ عندَ أبي حَنيفةَ، وعندَ أبي يُوسُفَ ومُحمدٍ ليس بشَرطٍ، وعلى هذا الخِلافِ بَيانُ مَكانِ الأُجرةِ في الإجاراتِ، إذا كان لها حَملٌ ومُؤنةٌ، وعلى هذا الخِلافِ إذا جَعَل المَكيلَ المَوصوفَ أو المَوزونَ المَوصوفَ ثَمنًا في بَيعِ العَينِ فلا بُدَّ مِنْ بَيانِ مَكانِ التَّسليمِ عندَه، خِلافًا لَهما، كذا أطلَقَه الكَرخيُّ ولم يَفصِلْ بينَ ما إذا كان مُؤجَّلًا أو غيرَ مُؤجَّلٍ.

ومن أصحابِنا مَنْ فَرَّقوا فقالوا: إذا كان حالًّا يَتعيَّنُ مَكانُ العَقدِ لِلتَّسليمِ بالإجماعِ.

وحاصِلُ الاختِلافِ راجِعٌ إلى مَكانِ العَقدِ، هل يَتعيَّنُ لِلإيفاءِ عندَه؟ لا يَتعيَّنُ، وعندَهما يَتعيَّنُ؛ لأنَّه إذا لَم يَتعيَّنْ مَكانُ العَقدِ لِلإيفاءِ عندَه، ولم يُوجَدْ منهما تَعيينُ مَكانٍ آخَرَ بَقيَ مَكانُ الإيفاءِ مَجهولًا جَهالةً مُفضيةً إلى المُنازَعةِ، ويَفسُدُ العَقدُ، ولَمَّا تَعيَّنَ مَكانُ العَقدِ لِلإيفاءِ عندَهما صار مَكانُ الإيفاءِ مَعلومًا، فيَصحُّ.

وَجهُ قَولِهما أنَّ سَبَبَ وُجوبِ الإيفاءِ هو العَقدُ، والعَقدُ وُجِدَ في هذا المَكانِ فيَتعيَّنُ مَكانُ العَقدِ؛ لِوُجوبِ الإيفاءِ فيه، كما في بَيعِ العَينِ، إذا كان المُسلَمُ فيه شَيئًا له حَملٌ ومُؤنةٌ؛ فإنَّه يَتعيَّنُ مَكانُ العَقدِ لِوُجوبِ الإيفاءِ فيه؛ لِما قُلنا، كذا هذا.


(١) رواه البخاري (٢٢٤٠)، ومسلم (١٦٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>