احتُمِلَ فيه أنواعٌ مِنَ الغَرَرِ لِلحاجةِ؛ فلا يُحتمَلُ فيه غَرَرٌ آخَرُ؛ لِئلَّا يَكثُرَ الغَرَرُ فيه؛ فلا يَجوزُ أنْ يُسلَّمَ في العِنبِ، والرُّطَبِ إلى شباطَ أو آذارَ، ولا إلى مَحَلٍّ لا يُعلَمُ وُجودُه فيه؛ كزَمانِ أوَّلِ العِنبِ أو آخِرِه الذي لا يُوجَدُ فيه إلا نادرًا، فلا يُؤمَنُ انقِطاعُه.
ولا يُشترَطُ أنْ يَكونَ مَوجودًا مِنْ حينِ العَقدِ إلى حينِ التَّسليمِ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ المالِكيَّةِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ، بل يَكفي أنْ يَكونَ مَوجودًا حينَ التَّسليمِ؛ لِحَديثِ ابنِ عَبَّاسٍ ﵄ قال: قَدِمَ النَّبيُّ ﷺ الْمدِينَةَ وهُمْ يُسْلِفُونَ في الثِّمارِ السَّنَةَ والسَّنَتَيْنِ؛ فقال:«مَنْ أسْلَفَ في تَمْرٍ فلْيُسْلِفْ في كَيْلٍ مَعْلُومٍ ووَزْنٍ مَعْلُومٍ إلى أجَلٍ مَعْلُومٍ»(١)، ولم يَذكُرِ الوُجودَ، ولو كان شَرطًا لَذَكَره ولَنَهاهم عن السَّلَفِ سِنينَ؛ لأنَّه يَلزَمُ منه انقِطاعُ المُسلَمِ فيه أوسَطَ السَّنةِ؛ ولأنَّه يَثبُتُ في الذِّمَّةِ، ويُوجَدُ في مَحَلِّه في الأغلَبِ؛ فجاز السَّلَمُ فيه، كالمَوجودِ، ولأنَّ الناسَ يَدخلونَ في وَقتِ العَقدِ على رَجاءِ السَّلامةِ، ولم يُكلَّفوا مُراعاةَ ما يَجوزُ أنْ يَحدُثَ، ويَجوزُ ألَّا يَحدُثَ.
قال ابنُ بَطَّالٍ ﵀: لو كان المُسلَمُ فيه مَوجودًا طَوالَ السَّنةِ إلا يَومِ القَبضِ فسَلَّمَ فيه إلى سَنةٍ، كان هذا السَّلَمُ باطِلًا بإجماعٍ، وإنْ كان مَوجودًا وَقتَ العَقدِ وطَوالَ السَّنةِ؛ لأنَّه حينَ المَحَلِّ والقَبضِ مَعدومٌ؛ فعُلِمَ بهذا أنَّ الاعتِبارَ بوُجودِه هو وَقتُ القَبضِ، لا وَقتُ العَقدِ، والدَّليلُ على صِحَّةِ هذا