للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوَّلُ: أنَّها فَسخٌ في حَقِّ المُتعاقدَيْنِ، بَيعٌ جَديدٌ في حَقِّ الثالِثِ، وهو قَولُ أبي حَنيفةَ، استَدلَّ أبو حَنيفةَ لقولِه بأنَّ الإقالةَ فَسخٌ بينَ المُتعاقدَيْنِ، بَيعٌ جَديدٌ في حَقِّ الثالِثِ بمِثلِ ما استَدلَّ به القائِلونَ بأنَّ الإقالةَ فَسخٌ.

أمَّا كَونُها بَيعًا في حَقِّ الثالِثِ فلأنَّ مَعنَى البَيعِ مُبادَلةُ المالِ بالمالِ، وهو أخذُ بَدَلٍ وإعطاءُ بَدَلٍ، وقد وُجدَ، فكانَتِ الإقالةُ بَيعًا؛ لِوُجودِ مَعنَى البَيعِ فيها، والعِبرةُ بالمَعنَى، لا بالصُّورةِ؛ إلَّا أنَّه لا يُمكِنُ إظهارُ مَعنَى البَيعِ في الفَسخِ في حَقِّ العاقِدَيْنِ؛ لِلتَّنافي، فأظهَرناه في حَقِّ الثالِثِ، فجُعِلَ فَسخًا في حَقِّهما، بَيعًا في حَقِّ الثالِثِ، وهذا ليسَ بمُمتنِعٍ، إنَّه لا يَمتنِعُ أنْ يُجعَلَ الفِعلُ الواحِدُ مِنْ شَخصٍ واحِدٍ طاعةً مِنْ وَجهٍ، ومَعصيةً مِنْ وَجهٍ، فمِن شَخصَيْنِ أوْلى.

الثاني: أنَّها بَيعٌ، إلَّا ألَّا يُمكِنَ أنْ تُجعَلَ بَيعًا، فتَكونَ فَسخًا؛ فإنْ تَعذَّرَ جَعلُها فَسخًا بَطَلتْ، وهذا القَولُ رِوايةٌ عن أبي يُوسفَ وأبي حَنيفةَ.

الثالِثُ: أنَّ الإقالةَ فَسخٌ، إلَّا إذا تَعذَّرَ أنْ تُجعَلَ فَسخًا؛ فحينَئذٍ تُجعَلُ بَيعًا جَديدًا لِلضَّرورةِ، وهذا قَولُ مُحمَّدِ بنِ الحَسَنِ (١).


(١) «المبسوط» (٢٥/ ١٦٦)، و «تحفة الفقهاء» (٢/ ١١٠)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٣٠٦)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٩٩، ١٠٠)، و «اللباب» (١/ ٣٩٠، ٣٩١)، و «الهداية» (٣/ ٥٥)، و «الاختيار» (٢/ ١٣)، و «خلاصة الدلائل» (٢/ ٧٠، ٧١)، و «العناية شرح الهداية» (٦/ ٤٨٧)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٧٠)، و «البحر الرائق» (٦/ ١١٠)، و «الدر المختار وحاشية ابن عابدين» (٥/ ١٢٠)، و «القوانين الفقهية» (ص: ١٧٩)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٦٥٢)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٣٤٥)، و «الشرح الكبير» للشيخ الدردير، و «حاشية الدسوقي» (٢/ ٢٥٢، ٢٥٣)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٥٠٨)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>