للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُسترسِلُ: هو الجاهِلُ بقيمةِ السِّلعةِ مِنْ بائِعٍ ومُشتَرٍ، ولا يُحسِنُ أنْ يُماكِسَ؛ فإنَّه استرسَلَ إلى البائِعِ فأخَذ ما أعطاه مِنْ غيرِ مُماكَسةٍ ولا مَعرِفةٍ بغَبنِه (١).

وقد اتَّفق العُلماءُ على أنَّ مَنْ باعَ لِشَخصٍ لا يُماكِسُ أو لا يُحسِنُ المُماكَسةَ؛ فأخَذ ما أعطاه مِنْ غيرِ مُماكَسةٍ، ولا مَعرِفةٍ بغَبنِه أنَّ البَيعَ مُنعقِدٌ، ويَحرُمُ عليه أنْ يَبيعَ المُماكِسُ بسِعرٍ ويَبيعَ المُسترسِلُ الذي لا يُماكِسُ، أو مَنْ هو جاهِلٌ بالسِّعرِ بأكثَرَ، ويَجِبُ على الإنسانِ ألَّا يَبيعَ لِمِثلِ هَؤُلاءِ إلَّا بالسِّعرِ المَعروفِ، وهو ثَمَنُ المِثلِ.

ولكنَّهم اختلَفوا في ثُبوتِ الخيارِ لِلمُسترسِلِ فيه إذا غُبِنَ غَبنًا زيادةً على العادةِ، أمَّا ما جَرَتْ به العادةُ فلا يُوجِبُ رَدًّا بالِاتِّفاقِ.

فذهَب الحَنفيَّةُ في القَولِ المُفتَى به عندَهم والمالِكيَّةُ في قَولٍ -وهو قَولٌ مَشهورٌ عندَهم- والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى ثُبوتِ الخيارِ له إذا كانَ الغَبنُ فاحِشًا فلَه أنْ يَفسَخَ البَيعَ، وله أنْ يُمضيَه بلا أرشْ.

وفسَّرَ الحَنفيَّةُ الغَبنَ بأنَّ ما يَدخُلُ تَحتَ تَقويمِ المُقوِّمينَ يَسيرٌ، وما لا ففاحِشٌ؛ لأنَّ ما لَم يَرِدِ الشَّرعُ بتَحديدِه يُرجَعُ فيه إلى العُرفِ، وقال الحَنفيَّةُ: يَكونُ ذلك رِفقًا بالناسِ.

وتُفسِّرُه كما لو وقَع البَيعُ بعَشَرةٍ مَثَلًا، ثم إنَّ بَعضَ المُقوِّمينَ يَقولونَ:


(١) «المغني» (٤/ ١٨)، و «المطلع» ص (٢٣٥، ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>