للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلٌّ واحِدٍ منهما مُنفَرِدًا، ولأنَّ الثَّمنَ وقَع عليهما مُتَساويًا لِتَساوي صِفَتِهما في الذِّمَّةِ، فهُما كقَفيزَيْنِ مِنْ صُبرةٍ، وإن حصَل في أحَدِهما زيادةٌ على الصِّفةِ جَرَتْ مَجرَى الحادِثِ بعدَ البَيعِ.

وإنِ اشتَرَى شَيئًا بثَمَنٍ مُؤجَّلٍ لَم يُجزِ بَيعُه مُرابَحةً حتى يُبيِّنَ ذلك، وإنِ اشتَراه مِنْ أبيه أو ابنِه أو مِمَّنْ لا تُقبَلُ شَهادَتُه له لَم يَجُزْ بَيعُه مُرابَحةً حتى يُبيِّنَ أمرَه، وبِهذا قالَ أبو حَنيفةَ.

وقالَ الشافِعيُّ وأبو يُوسفَ ومُحمَّدٌ: يَجوزُ مِنْ غيرِ بَيانٍ؛ لأنَّه أخبَرَ بما اشتَراه عَقدًا صَحيحًا، فأشبَهَ ما لو اشتَراه مِنْ أجنَبيٍّ.

ولنا: أنَّه مُتَّهمٌ في الشِّراءِ منهم؛ لِكَونِه يُحابيهم ويَسمَحُ لَهم، فلَم يَجُزْ أنْ يُخبِرَ بما اشتَراه منهم مُطلَقًا، كما لو اشتَرَى مِنْ مُكاتَبِه، وفارَقَ الأجنَبيَّ؛ فإنَّه لا يُتَّهمُ في حَقِّه، وقياسُهم بالشِّراءِ مِنْ مُكاتَبِه؛ فإنَّه لا يَجوزُ له بَيعُ ما اشتَراه مِنْ مُكاتَبِه مُرابَحةً حتى يُبيِّنَ أمرَه، ولا نَعلَمُ فيه خِلافًا.

وإنِ اشتَراه مِنْ غُلامِ دُكَّانِه الحُرِّ، قالَ القاضي: إذا باعَه سِلعةً ثم اشتَراها منه بأكثَرَ مِنْ ذلك لَم يَجُزْ بَيعُه مُرابَحةً حتى يُبيِّنَ أمرَه، ولا نَعلَمُ فيه خِلافًا، ولأنَّه مُتَّهمٌ في حَقِّه، فأشبَهَ مَنْ لا تُقبَلُ شَهادَتُه له، وقالَ أبو الخطَّابِ: إنْ فعَل ذلك حِيلةً لَم يَجُزْ، وظاهِرُه الجَوازُ إذا لَم يَكُنْ حِيلةً، وهذا أصَحُّ؛ لأنَّه أجنَبيٌّ، لكنْ لا يَختَصُّ هذا بغُلامِ دُكَّانِه، بَلْ متى فَعلَ هذا على وَجهِ الحيلةِ لَم يَجُزْ، وكانَ حَرامًا وتَدليسًا على ما ذَكَرْنا مِنْ قَبلُ.

فإنِ اشتَرَى ثَوبًا بعَشَرةٍ ثم باعَه بخَمسةَ عشَرَ، ثم اشتَراه بعَشَرةٍ استُحِبَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>