أحَدُهما: أنْ يَكونَ البَيعُ مِنْ المُتقوَّماتِ التي لا يَنقسِمُ الثَّمنُ عليها بالأجزاءِ كالثيابِ والحَيَوانِ والشَّجَرةِ المُثمِرةِ، وأشباهِ هذا، فهذا لا يَجوزُ بَيعُ بَعضِه مُرابَحةً حتى يُخبِرَ بالحالِ على وَجهِه نصَّ عليه أحمدُ، فقالَ: كلُّ بَيعٍ اشتَراه جَماعةٌ ثم اقتَسَموه لا يَبيعُ أحَدُهم مُرابَحةً إلَّا أنْ يَقولَ: اشتَرَيناه جَماعةً ثم اقتَسَمناه، قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وهذا مَذهبُ الثَّوريِّ وإسحاقَ وأصحابِ الرَّأيِ، وقالَ الشافِعيُّ: يَجوزُ بَيعُه بحِصَّتِه مِنْ الثَّمنِ لأنَّ الثَّمنَ يَنقسِمُ على المَبيعِ على قَدْرِ قيمَتِه، بدَليلِ ما لو كانَ المَبيعُ شِقصًا وسَيفًا أخَذ الشَّفيعُ الشِّقصَ بحِصَّتِه مِنْ الثَّمنِ.
ولو اشتَرَى شَيئَيْنِ فوجَد أحَدَهما مَعيبًا رَدَّه بحِصَّتِه مِنْ الثَّمنِ، وذكَر ابنُ أبي موسى فيما اشتَراه اثنانِ فتَقاسَماه رِوايةً أُخرَى عن أحمدَ أنَّه يَجوزُ مُرابَحةً بما اشتَراه؛ لأنَّ ذلك ثَمَنُه، فهو صادِقٌ فيما أخبَرَ به.
القِسمُ الثاني: أنْ يَكونَ المَبيعُ مِنْ المُتماثِلاتِ التي يَنقسِمُ الثَّمنُ عليها بالأجزاءِ، كالبُرِّ والشَّعيرِ المُتساوي، فيَجوزُ بَيعُ بَعضِه مُرابَحةً بقِسطِه مِنْ الثَّمنِ، وبِهذا قالَ أبو ثَورٍ وأصحابُ الرَّأيِ، ولا نَعلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّ ثَمَنَ الجُزءِ مَعلومٌ يَقينًا، ولِذلك جازَ بَيعُ قَفيزٍ مِنْ الصُّبرةِ.
وإنْ أسلَمَ في ثَوبَيْنِ بصِفةٍ واحِدةٍ فأخَذهما على الصِّفةِ وأرادَ بَيعَ أحَدِهما مُرابَحةً بحِصَّتِه مِنْ الثَّمنِ فالقياسُ جَوازُه؛ لأنَّ الثَّمنَ يَنقسِمُ عليهما نِصفَيْنِ، لا باعتِبارِ القيمةِ، وكذلك لو أقالَه في أحَدِهما، أو تَعذَّرَ تَسليمُه، كانَ له نِصفُ الثَّمنِ مِنْ غيرِ اعتِبارِ قيمةِ المَأخوذِ منهما، فكأنَّه أخَذ