قالَ ابنُ حَبيبٍ: ما لَم يَكُنْ عن مُواعَدةٍ أو تَعريضٍ أو عادةٍ، قالَ: وكذلك ما اشتَراه الرَّجُلُ لِنَفْسِه لِمَنْ شارَكَه منه بنَقدٍ أو كالَ مِنْ غيرِ أنْ يُواعِدَ في ذلك أحَدًا يَشتَريه عنه ولا يَبيعُه.
وكذلك الرَّجُلُ يَشتَري السِّلعةَ لِنَفْسِه ولِحاجَتِه، ثم يَبدو له فيَبيعُها أو يَبيعُ دارَ سُكناه ثم يَشُقُّ عليه النَّقلةُ منها فيَشتَريها، أو كانَتْ جاريةً فيَبيعُها، فهؤلاء ما استَقالوا مِنه أو زادوا فيه فلا بَأْسَ به، وقالَ مُطرِّفٌ عن مالِكٍ.
وأمَّا السُّؤالُ الرابعُ المُختلَفُ فيه فهو ما اشتَراه المُبتاعُ بثَمَنٍ بَعضُه مُعجَّلٌ وبَعضُه مُؤجَّلٌ، فالمَذهبُ على قَولَيْنِ:
أحَدُهما: الجَوازُ، وهو مَشهورُ المَذهبِ، وهو ظاهِرُ المَذهبِ.
والآخَرُ: التَّفصيلُ بينَ أهلِ العِينةِ وغيرِهم؛ فيَجوزُ لِغيرِ أهلِ العِينةِ، ويُكرَهُ لِأهلِ العِينةِ، وهذا قَولُ مالِكٍ في العُتْبيةِ.
وقالَ ابنُ حَبيبٍ: مثلَ أنْ يَشتَريَ طَعامًا أو غيرَه على أنْ يَنقُدَ بَعضَ ثَمَنِه ويُؤجِّرَ بَعضَه إلى أجَلٍ؛ فكَأنَّه باعَه بعَشَرةٍ نَقدًا وعَشَرةٍ إلى أجَلٍ؛ فقالَ: خُذْ وبِعْ منه بما تُريدُ أنْ تَنقُدَه، وما بَقيَ فهو لَكَ ببَقيَّةِ الثَّمنِ إلى أجَلٍ، فلا يَعمَلُ ذلك إلَّا أهلُ العِينةِ، قالَ: وهذا قَولُ مالِكٍ، وقد رُوجِعَ به غيرَ مَرَّةٍ، وقالَ: أنا قُلتُه، وقالَه رَبيعةُ قَبلي. والحَمدُ لِلَّهِ وَحدَه (١).
(١) «مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مُشكِلاتها» (٦/ ٢٢٥، ٢٢٧)