للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بيَّن الإمامُ ابنُ رُشدٍ مَسائِلَ العِينةِ، وبيَّن الجائِزَ منها والمَكروهَ والمَحظورَ، فقالَ: العِينةُ على ثَلاثةِ أوْجُهٍ: جائِزةٌ، ومَكروهةٌ، ومَحظورةٌ.

فالجائِزةُ أنْ يَأتيَ الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ منهم فيَقولَ له: أعندَكَ سِلعةُ كذا وكذا تَبيعُها مني بدَيْنٍ؟ فيَقولَ: لا؛ فيَذهَبَ عنه فيَبتاعَ المَسؤولُ تلك السِّلعةَ لِنَفْسِه، ثم يَلقاه فيَقولَ له: عِندي ما سَألتَ، فيَبيعَ ذلك منه.

والمَكروهةُ أنْ يَقولَ له: عندَكَ كذا وكذا تَبيعُه مني بدَيْنٍ؟ فيَقولَ: لا؛ فيَقولَ له: ابتَعْ ذلك وأنا أبتاعُه مِنْكَ بدَيْنٍ وأُربِحُكَ فيه؛ فيَشتَريَ ذلك ثم يَبيعَه منه على ما تَواعَدا عليه.

والمَحظورةُ أنْ يَقولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: اشتَرِ سِلعةَ كذا وكذا بكذا وكذا، وأنا أشتَريها مِنْكَ بكذا وكذا، وهذا الوَجْهُ فيه سِتُّ مَسائِلَ تَفترِقُ أحكامُها بافتِراقِ مَعانيها:

إحداها: أنْ يَقولَ لَهُ: اشتَرِ سِلعةَ كذا بعَشَرةٍ نَقدًا وأنا أشتَريها مِنْكَ باثنَيْ عشَرَ نَقدًا؛ فهذا أجازَه مالِكٌ مَرَّةً، إذا كانَتِ البَيعَتانِ بالنَّقدِ وانتَقَدَ، وكَرِهَه مَرَّةً لِلمُراوَضةِ التي وَقَعتْ بينَهما في السِّلعةِ قبلَ أنْ تَصيرَ في مِلْكِ المَأمورِ.

والثانيةُ: أنْ يَقولَ لَهُ: اشتَرِ سِلعةَ كذا بعَشَرةٍ نَقدًا، وأنا أبتاعُها مِنْكَ باثنَيْ عشَرَ إلى أجَلٍ؛ فهذا لا يَجوزُ، إلَّا أنَّه اختُلِفَ فيه إذا وقَع على قَولَيْنِ:

أحَدُهما: أنَّ السِّلعةَ لازِمةٌ لِلآمِرِ باثنَيْ عشَرَ إلى أجَلٍ؛ لأنَّ المَأمورَ كانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>