للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيلَ: إنَّ البَيعَ الثاني يَمضي مع الآمِرِ باثنَيْ عشَرَ لِلأجَلِ، ولا يُفسَخُ، كانَتِ السِّلعةُ قائِمةً أو فائِتةً.

فإنْ لَم يَقُلْ: لي -في الفَرضِ المَذكورِ-، مَضى الثاني بالِاثنَيْ عشَرَ لِلأجَلِ؛ لِبُعدِ تُهمةِ السَّلَفِ بمَنفَعةٍ، ولزِمه -أي: الآمِرَ- الِاثنا عشَرَ لِلأجَلِ؛ لأنَّ ضَمانَها مِنْ المَأمورِ لو هلَك قبلَ شِراءِ الثاني، ولو شاءَ الآمِرُ عَدَمَ الشِّراءِ كانَ له ذلك؛ لأنَّها لَم تَلزَمْه.

وإلَّا أنْ يَقولَ: اشتَرِها لي بعَشَرةٍ نَقدًا، وآخُذُها باثنَيْ عشَرَ نَقدًا؛ فيُمنَعُ إنْ شرَط الطالِبُ النَّقدَ على المَأمورِ، بأنْ قالَ له: اشتَرِها لي بعَشَرةٍ بشَرطِ أنْ تَنقُدَها عَنِّي، وأنا أشتَريها منكَ باثنَيْ عشَرَ نَقدًا؛ لأنَّه حينَئذٍ قد جعَل له دِرهمَيْنِ في نَظيرِ سَلَفِه وتَوليَتِه الشِّراءَ؛ فهو سَلَفٌ وإجارةٌ بشَرطٍ.

ولَزِمتِ السِّلعةُ الطالِبَ بالعَشَرةِ، ولِلمَأمورِ في نَظيرِ عَمَلِه الأقَلُّ مِنْ جُعلِ مِثلِه، أو الدِّرهَمانِ فيهما، أي: في هذه، وفي أوَّلِ قِسمَيَّ التي قبلَها، وهي قَولُه: اشتَرِها لي بعَشَرةٍ نَقدًا وآخُذُها باثنَيْ عشَرَ لِأجَلٍ.

وجازَ النَّقدُ بغيرِ شَرطٍ مِنْ الطالِبِ، بَلْ تَطوُّعًا، وله الدِّرهَمانِ، كنَقدِ الآمِرِ؛ فإنَّه جائِزٌ، بأنْ قالَ له: اشتَرِها لي بعَشَرةٍ نَقدًا -ونَقدَها إيَّاها-، وأنا آخُذُها باثنَيْ عشَرَ نَقدًا، وله الدِّرهَمانِ؛ لأنَّهما أُجرةٌ، وإنْ لَم يَقُلْ: لي -في هذا الفَرضِ-، وهو ما إذا شرَط الطالِبُ النَّقدَ على المَأمورِ كُرِهَ، كقَولِ بائِعٍ لِمُشتَرٍ: خُذْ مِنِّي بمِئةٍ ما -أي: سِلعةً- بثَمانينَ قيمةً؛ لِمَا فيه مِنْ رائِحةِ الرِّبا، ولا سيَّما إذا قالَ له المُشتَري: سَلِّفْني ثَمانينَ، وأنا أرُدُّ لَكَ عنها مِئةً؛ فقالَ المَأمورُ: هذا رِبًا، بَلْ خُذْ منِّي بمِئةٍ … إلَخ. أو قالَ شَخصٌ لِآخَرَ: اشتَرِها

<<  <  ج: ص:  >  >>