للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الدِّلالةُ فهي أنْ يُوجَدَ مِنْ المُشتَري تَصرُّفٌ في المَبيعِ بعدَ الرُّؤيةِ يَدلُّ على الإجازةِ والرِّضا، نَحوَ ما إذا قبَضه بعدَ الرُّؤيةِ؛ لأنَّ القَبضَ بعدَ الرُّؤيةِ دَليلُ الرِّضا بلُزومِ البَيعِ؛ لأنَّ لِلقَبضِ شَبَهًا بالعَقدِ، فكانَ القَبضُ بعدَ الرُّؤيةِ كالعَقدِ بعدَ الرُّؤيةِ، وذاكَ دَليلُ الرِّضا، كذا هذا.

وكذا إذا تَصرَّفَ فيه تَصرُّفَ المُلَّاكِ، بأنْ كانَ ثَوبًا فقطَعه أو صَبَغَه أحمَرَ أو أصفَرَ، أو سَويقًا فلَتَّه بسَمنٍ أو عَسَلٍ أو أرضًا فبَنَى عليها أو غَرَسَ أو زَرَعَ، أو دابَّةً فرَكِبَها لِحاجةِ نَفْسِه، ونَحوَ ذلك؛ لأنَّ الإقدامَ على هذه التَّصرُّفاتِ دِلالةُ الإجازةِ والرِّضا بلُزومِ البَيعِ والمِلْكِ به؛ إذْ لو لَم يَكُنْ به وفُسِخَ البَيعُ لَتبيَّنَ أنَّه تَصرُّفٌ في مِلْكِ الغيرِ مِنْ كلِّ وَجْهٍ، أو مِنْ وَجْهٍ، وأنَّه حَرامٌ؛ فجُعِلَ ذلك إجازةً مِنه؛ صيانةً له عن ارتِكابِ الحَرامِ، وكذا إذا عرَضه على البَيعِ، باعَ أو لَم يَبِعْ؛ لأنَّه لمَّا عرَضه على البَيعِ قصَد إثباتَ المِلْكِ اللَّازِمِ لِلمُشتَري، ومِن ضَرورَتِه لُزومُ المِلْكِ له لِيُمكِنَه إثباتُه لِغيرِه.

ولو عرَض بَعضَه لِلبَيعِ سقَط خِيارُه عندَ أبي يُوسفَ، وعندَ مُحمَّدٍ لا يَسقُطُ، والصَّحيحُ قَولُ أبي يُوسفَ؛ لأنَّ سُقوطَ الخيارِ ولُزومَ البَيعِ بالعَرضِ؛ لِكَونِ العَرضِ دِلالةَ الإجازةِ والرِّضا، ودِلالةَ الإجازةِ دون صَريحِ الإجازةِ.

ثم لو صرَّح بالإجازةِ في بَعضٍ لَم يَجُزْ، ولَم يَسقُطْ خِيارُه؛ لِمَا فيه مِنْ تَفريقِ الصَّفقةِ على البائِعِ قبلَ التَّمامِ، فلَأنْ يَكونَ لا يَسقُطُ بدِلالةِ الإجازةِ أوْلَى، وكذا لو وهَبه، سلَّم أو لَم يُسلِّمْ؛ لأنَّ الثابِتَ بالهِبةِ لا يَعودُ إليه إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>