أو كانَتِ العَينُ المَبيعةُ بالصِّفةِ حاضِرةً مَستورةً كجاريةٍ مُنتَقِبةٍ وأمتِعةٍ في ظُروفِها أو نَحوِ ذلك؛ فهذا النَّوعُ يَنفسِخُ العَقدُ عليه برَدِّه على البائِعِ بنَحوِ عَيبٍ أو نَقصِ صِفةٍ، وليسَ لِلمُشتَري طَلَبُ بَدَلِه؛ لِوُقوعِ العَقدِ على عَيْنِه، كحاضِرٍ؛ فإنْ شرَط ذلك في عَقدِ البَيعِ، بأنْ قالَ: إنْ فاتَكَ شَيءٌ مِنْ هذه الصِّفاتِ أعطَيتُكَ ما هذه صِفاتُه، لَم يَصحَّ العَقدُ.
ويَنفسِخُ العَقدُ عليه أيضًا بتَلَفِه قبلَ قَبضِه؛ لِزَوالِ مَحَلِّ العَقدِ، وهذا النَّوعُ يَجوزُ التَّفريقُ مِنْ مُتبايِعَيْه قبلَ قَبضِ الثَّمنِ، وقبلَ قَبضِ المَبيعِ، كحاضِرٍ بالمَجلِسِ، ويَجوزُ تَقديمُ الوَصفِ في بَيعِ الأعيانِ على العَقدِ.
كما يَجوزُ تَقديمُ الرُّؤيةِ، وكذلك لا يَجوزُ تَقديمُ الوَصفِ لِلمَعقودِ عليه في السَّلَمِ على العَقدِ، ولا فَرقَ بينَ تَقديمِ الوَصفِ في بَيعِ الأعيانِ على العَقدِ وتَقديمِه في السَّلَمِ على العَقدِ، وكذا تَقديمُ الوَصفِ في بَيعِ ما في الذِّمَّةِ.
فلو قالَ لِآخَرَ: أُريدُ أنْ أُسَلِّفَكَ في كُرِّ حِنطةٍ، ووصَفه بالصِّفاتِ، فلمَّا كانَ بعدَ ذلك ولو طالَ الزَّمَنُ قالَ: قد سَلَّفتُكَ في كُرِّ حِنطةٍ -وهو كَيلٌ مَعروفٌ بالعِراقِ- على الصِّفاتِ التي تَقدَّمَ ذِكرُها، وعجَّل الثَّمنَ قبلَ التَّفريقِ، جازَ وصَحَّ العَقدُ؛ لِلعِلمِ بالمَعقودِ عليه.
والنَّوعُ الثاني مِنْ نَوعَيِ البَيعِ بالصِّفةِ: بَيعُ مَوصوفٍ غيرِ مُعيَّنٍ، ويَصِفُه بصِفةٍ تَكفي في السَّلَمِ، إنْ صَحَّ السَّلَمُ فيه، بأنِ انضَبَطتْ صِفاتُه، مثلَ أنْ يَقولَ: بِعتُكَ عَبدًا تُركِيًّا، ثم يَستَقصيَ صِفاتِ السَّلَمِ فيه؛ فهذا في مَعنَى السَّلَمِ، وليسَ سَلَمًا؛ لِحُلولِه، فمَتَى سلَّم البائِعُ إليه عَبدًا على غيرِ ما وصَفه له فرَدَّه