للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ، وإنْ ذُكِرَ له مِنْ صِفَتِه ما يَكفي في السَّلَمِ، أو رَآه، ثم عَقَدا بعدَ ذلك بزَمَنٍ، لا يَتغيَّرُ فيه ظاهِرًا، صَحَّ في أصَحِّ الرِّوايتَيْنِ، ولو عقَد عليه بعدَ ذلك بزَمَنٍ يَحتمِلُ التَّغيُّرَ فيه وعَدَمَه على السَّواءِ، فلا يَصحُّ العَقدُ.

والمَبيعُ مِنه ما يُسرِعُ فَسادُه، كالفاكِهةِ، وما يَتوسَّطُ، كالحَيَوانِ، وما يَتباعَدُ، كالعَقاراتِ؛ فيُعتبَرُ كلُّ نَوعٍ بحَسَبه، ولو مع غَيبةِ المَبيعِ، ولو في مَكانٍ بَعيدٍ لا يَقدِرُ البائِعُ على تَسليمِه في الحالِ، لكنْ يَقدِرُ على استِحضارِه.

ثم إنْ وجَد المُشتَري ما تَقدَّمتْ رُؤيَتُه لَم يَتغيَّرْ فلا خيارَ له؛ لِسَلامةِ المَبيعِ، وإنْ وجَده مُتغيِّرًا فله الفَسخُ على التَّراخي، كخِيارِ العَيبِ، وكذا لو وجَد بالصِّفةِ نَقصًا، ويُسَمَّى هذا الخيارُ خيارَ الخُلفِ في الصِّفةِ، مِنْ إضافةِ الشَّيءِ إلى سَبيلِه، إلَّا أنْ يُوجَدَ مِنْ المُشتَري ما يَدلُّ على الرِّضا بالمَبيعِ مِنْ سَومٍ ونَحوِه؛ فيَسقُطُ خِيارُه لِذلك.

ولا يَسقُطُ خِيارُه برُكوبِ الدَّابَّةِ المَبيعةِ في طَريقِ الرَّدِّ إلى البائِعِ؛ لأنَّه لا يَدلُّ على الرِّضا بالتَّغيُّرِ.

ومتى أبطَلَ المُشتَري حَقَّه مِنْ رَدِّه فلا أرشَ له في الأصَحِّ، ويُخيَّرُ بينَ الرَّدِّ والإمساكِ مَجَّانًا؛ لِئَلَّا يَعتاضَ عن صِفةٍ كالسَّلَمِ، وهذا بخِلافِ البَيعِ بشَرطِ صِفةٍ، فإنَّ له أرشَ فَقْدِها.

وإنِ اختَلَفا في الصِّفةِ، بأنْ قالَ المُشتَري: ذَكَرتَ في وَصفِ الأَمَةِ أنَّها بِكرٌ -مَثَلًا-، وأنكَرَه البائِعُ، أو اختَلَفا في التَّغيُّرِ، أي: قالَ المُشتَري: إنَّ المَبيعَ الذي سَبَقتْ رُؤيَتُه تَغيَّرَ، وأنكَرَ البائِعُ وقالَ: كانَ على هذه الحالِ حينَ رَأيتُه؛ فالقَولُ قَولُ المُشتَري بيَمينِهِ؛ لأنَّ الأصلَ بَراءةُ ذِمَّتِه مِنْ الثَّمنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>